الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه.
ثالثها : أنّ هذا الخبر مختلف الألفاظ ، مضطرب المعاني : ألا ترى أنّ حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليهالسلام (١). وتارة يرويه عن أبي عبد الله عليهالسلام بلا واسطة (٢) وتارة يفتي به معاذ من قبل نفسه ، فلا يسنده إلى أحد (٣).
قال : وهذا الضرب من الاختلاف ممّا يضعف الاعتراض به والتعلّق بمثله (٤).
مقالة الشيخ المفيد
وللشيخ أبي عبد الله المفيد رسالة في الردّ على أصحاب القول بالعدد ، أجاب فيها عن مسائل بعض الإخوان من أهل الموصل ، سألوا : هل يصحّ قول من قال بالعدد وأنكر أن ينقص شهر رمضان! وعن قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ)(٥) ، هل هو في قضاء مافات من الشهر ، أم هو راجع إلى الشهر نفسه؟
فأجاب رحمهالله بأنّ الشهر ما اشتهر بالهلال ، فكان مرتبطا به ، وهذا يكون لتسعة وعشرين يوما ولثلاثين. حسب المشهود وقد قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ)(٦) ، فأنيط الشهر بالهلال محضا.
قال : وأمّا ما تعلّق به أصحاب العدد وأنّ شهر رمضان لا يكون أقلّ من ثلاثين يوما ، فهي أحاديث شاذّة قد طعن فيها نقّاد الآثار من الشيعة في سندها ، وهي مثبتة في كتب الصيام ، في أبواب النوادر ، والنوادر هي الّتي لا عمل عليها.
ثمّ جعل يذكر الأحاديث المرويّة بهذا الشأن ، وينقدها نقدا فنّيّا ، واحدة تلو أخرى ، حسب الأصول ، وعقّبها بالأحاديث الصحاح ذوات الاعتبار ، روتها الفقهاء الأعلام من أصحاب الأئمّة من لدن عهد الإمام الباقر فإلى عهد الإمام العسكري عليهمالسلام وهم الأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٦٧ / ٤٩ و ١٦٨ / ٥٠ و ٥٢.
(٢) المصدر : ١٦٨ / ٥١ و ٥٣.
(٣) المصدر : ١٦٩ / ٥٤. وقد ضعّف المولى المجلسي أسناد الأحاديث كلّها سوى هذا الخبر الأخير الّذي نسبه إلى معاذ نفسه. (ملاذ الأخيار ٦ : ٤٦٩ ـ ٤٧١).
(٤) التهذيب ٤ : ١٦٩.
(٥) البقرة ٢ : ١٨٥.
(٦) البقرة ٢ : ١٨٩.