ورواه العيّاشيّ أيضا في التفسير (١).
[٢ / ٤٦٣٨] لكن روى ابن جريج عن عطاء ، قال : قلت له : من أيّ المرض أفطر؟ قال : من أيّ مرض كان ، كما قال تعالى : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً ...)(٢). يعني : الإطلاق.
ولعلّ المتصوّر : أيّ نوع من أنواع الأمراض. فلا ينافي ما تقدّم.
* * *
قلت : أمّا تحديد المرض المسوّغ للإفطار ، بالزيادة في العلّة ، فلكونه مفهوما من مناسبة الحكم والموضوع بدلالة الاقتضاء. إذ لا يكون المرض سببا لإيجاب حكم أو سقوطه ، إلّا إذا كان ذلك الأمر مؤثّرا في المرض رفعا أو زيادة وهكذا جاء في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام (٣) وأفتى به أصحابنا الإماميّة رضوان الله عليهم (٤). قال صاحب الجواهر رحمهالله : المدار في جواز الإفطار ، على خوف الضرر ، لقوله عليهالسلام : «كلّما أضرّ به الصوم فالإفطار له واجب» (٥).
وكذا المدار على صدق السفر بطيّ مسافة ثمانية فراسخ ، ولو كان ملفّقا ذهابا وإيابا. حسبما فصّلته الروايات وفتاوى الأصحاب .. وتمام الكلام في محلّه (٦).
قوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)
كان الصوم شريعة إلهيّة قديمة ، ولا تجد نحلة من النحل إلّا وفيها شريعة الصيام ، على مختلف أنحائه من الإمساك عن طرف من الجسمانيّات ، لترقية النفس وتصاعدها في المعنويّات ، تناسيا عن عالم الملك ـ بعض الشيء ـ تمهيدا للتعالي إلى عالم القدس والملكوت ، فلم تكن شريعة الصيام ـ أي الإمساك عن بعض مشتهيات النفس لفترة قصيرة ـ جديدة على الأمّة المسلمة ، فلتهن عليهم ولا يستصعبوها!!
__________________
(١) العيّاشيّ ١ : ١٠٠ / ١٩٠ ؛ الكافي ٤ : ١١٨ / ٣ ؛ التهذيب ٤ : ٢٥٦ ؛ الاستبصار ٢ : ١١٤ ؛ البحار ٩٣ : ٣٢٥ / ١٦.
(٢) ابن عساكر ٥٢ : ٨٦ ، باب ٦٠٩٨ ، (محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم) ؛ القرطبي ٢ : ٢٧٧.
(٣) راجع : الوسائل ١٠ : ٢١٧ ـ ٢٢٢ ، كتاب الصوم ، الأبواب : ١٨ و ١٩ و ٢٠.
(٤) راجع : جواهر الكلام ١٦ : ٣٤٥ ـ ٣٤٨.
(٥) الجواهر ١٦ : ٣٤٧ ؛ الوسائل ١٠ : ٢١٩ / ٢.
(٦) راجع : النهاية للشيخ : ١٢٢.