مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(١) أي بنيّاتكم!
[٢ / ٣٤٩٢] وهكذا أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : كلّ مقبول ، إذا كانت النيّة صادقة (٢).
[٢ / ٣٤٩٣] وأخرج البيهقي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «عمل السرّ أفضل من العلانية. والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء به» (٣).
قال سيّدنا العلّامة الطباطبائي : وقد مدح الله ـ سبحانه ـ كلّا من صدقة السرّ وصدقة العلانية ، إذ في كلّ منهما آثار صالحة ، فأمّا الإظهار فلأنّ فيه دعوة عمليّة إلى المعروف ، وتشويقا بليغا إلى البذل والإنفاق على المعوزين. كما فيه تطييب لنفوس الفقراء حيث تواجد رجال رحماء يبذلون أموالهم في رفع حوائج المعتازين ، لتكون ذخيرة مدّخرة تطمئنّ إليها النفوس ويذهب عنها اليأس والقنوط. وبالتالي يعاودهم نشاط حيويّ باعث على الحركة والعمل والاكتساب ، وفي مراودة وثيقة بينهم وبين أصحاب الثروات ، وفي ذلك كلّه خير كلّ الخير.
وأمّا الإخفاء فلأنّه أبعد من الرياء وعن إمكان المنّ والأذى كما هو صون لوجه المعوزين دون المذلّة والامتهان وتكريم لهم في نهاية المطاف.
إذن فصدقة العلانية أكثر نتاجا ، وصدقة السرّ أخلص طهارة ، وكلاهما حسن جميل (٤).
قوله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى)
[٢ / ٣٤٩٤] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : في قول يهود لإبراهيم وإسماعيل ومن ذكر معهما : إنّهم كانوا يهودا أو نصارى ، فيقول الله لهم : لا تكتموا منّي شهادة إن كانت عندكم ، وقد علم الله أنّهم كاذبون (٥).
[٢ / ٣٤٩٥] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهم يعلمون أنّه دين الله ، واتّخذوا اليهوديّة والنصرانيّة وكتموا محمّدا وهم يعلمون أنّه رسول الله (٦).
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧١.
(٢) ابن أبي حاتم ٢ : ٥٣٧ / ٢٨٤٩.
(٣) الدرّ ٢ : ٧٧.
(٤) الميزان ٢ : ٤٢٠.
(٥) الدرّ ١ : ٣٤١ ؛ الطبري ١ : ٧٩٧ / ١٧٥٩.
(٦) الدرّ ١ : ٣٤١ ؛ الطبري ١ : ٧٩٨ / ١٧٦٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٤٦ / ١٣١٩.