وقد اختلفت قراءة القرّاء السبعة في رفع الراء ونصبها من قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ) فقرأ حمزة وعاصم في رواية حفص : ليس البرّ ، بنصب الراء وروى هبيرة عن حفص عن عاصم أنّه كان يقرأ بالنصب والرفع ، وقرأ الباقون البرّ بالرفع ، والوجهان حسنان ، لأنّ كلّ واحد من الاسمين اسم ليس وخبرها معرفة ، فإذا اجتمعا في التعريف تكافآ في جواز كون أحدهما اسما والآخر خبرا ، كما تتكافأ النكرات.
وحجّة من رفع البرّ : أنّه لأن يكون البرّ الاسم ، لشبهه الفاعل أولى ، لأنّ (لَيْسَ) يشبه الفعل ، وكون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده ، ألا ترى أنّك إذا قلت قام زيد ، فإنّ الاسم يلي الفعل ، وتقول : ضرب غلامه زيد ، فيكون التقدير في الغلام التأخير ، فلو لا أنّ الفاعل أخصّ بهذا الموضع ، لم يجز هذا كما لم يجز في الفاعل ضرب غلامه زيدا ، حيث لم يجز في الفاعل تقدير التأخير ، كما جاز في المفعول به ، لوقوع الفاعل موقعه المختصّ به.
وحجّة من نصب البرّ أن يقول : كون الإسم أن وصلتها أولى لشبهها بالمضمر في أنّها لا توصف ، كما لا يوصف المضمر ، فكأنّه اجتمع مضمر ومظهر والأولى إذا اجتمعا أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر (١).
قوله تعالى : (ذَوِي الْقُرْبى) [٢ / ٤٤١٢] أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (ذَوِي الْقُرْبى) يعني قرابته (٢).
[٢ / ٤٤١٣] وأخرج الطبراني والحاكم وصحّحه والبيهقي في سننه عن أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» (٣).
[٢ / ٤٤١٤] وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام أنّ رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) أمالي المرتضى ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠٨.
(٢) الدرّ ١ : ٤١٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٨٩ / ١٥٤٩.
(٣) الدرّ ١ : ٤١٤ ؛ الكبير ٢٥ : ٨٠ ؛ الحاكم ١ : ٤٠٦ ؛ البيهقي ٧ : ٢٧ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ١١٦. قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح ؛ الثعلبي ٢ : ٥١.