قوله تعالى : (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)
أي كان بدء نزول القرآن فيه ، باعتباره كتاب الإسلام المعجز. الأمر الّذي لا يتنافى ونزول آيات من قبل ، لا بهذا الاعتبار ، بل لاعتبارات أخرى للتبشير والإنذار والتشمير بجدّ الأمر ، في مثل الآيات الخمس الأول من سورة العلق. وآية إنذار الأقربين. وآيتا المدّثّر والمزّمّل ، وما شاكل ، فإنّها كانت نزلت بشأن أمر التبليغ ، لا بعنوان أنّه من الكتاب ، نعم وأصبحت بعد من الكتاب بإشارة من جبريل ونصّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حسبما فصّلنا الكلام فيه في التمهيد. (١)
* * *
والإخبار بنزول القرآن في هذا الشهر ، إعلام بتشريف وتفخيم شأنه ، كما هو تحبيب لطيف للقيام بوظيفة الصيام فيه. وهي عبادة خالصة لله تعالى ، تناسب اختصاص هذا الشهر بهكذا تشريف!
[٢ / ٤٧٥١] روى أبو النّضر محمّد بن مسعود العيّاشيّ السمرقندي بالإسناد إلى الحارث النصري عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال ـ في أخريات شهر شعبان ـ : «إنّ هذا الشهر المبارك الّذي أنزلت فيه القرآن وجعلته هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ، قد حضر ، فسلّمنا فيه وسلّمه لنا في يسر منك وعافية».
[٢ / ٤٧٥٢] وبالإسناد إلى أبي بصير عنه عليهالسلام قال : إذا حضر شهر رمضان فقل : «اللهمّ قد حضر شهر رمضان وقد افترضت علينا صيامه ، وأنزلت فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان. اللهمّ أعنّا على صيامه ، وتقبّله منّا وسلّمنا فيه وسلّمه منّا وسلّمنا له في يسر منك وعافية ، إنّك على كلّ شيء قدير ، يا أرحم الراحمين» (٢).
[٢ / ٤٧٥٣] وبالإسناد إلى إبراهيم بن عمر الصنعاني عنه عليهالسلام قال : سألته عن قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) كيف أنزل فيه القرآن ، وإنّما أنزل في طول عشرين سنة (٣)؟
فقال : «نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثمّ أنزل من البيت
__________________
(١) التمهيد ١ : ١٣٣ وما بعد.
(٢) العيّاشيّ ١ : ٩٩ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ؛ البحار ٩٣ : ٣٨٣ ، باب ٥٠ / ١ و ٢.
(٣) حيث بدء النزول كان بعد فترة ثلاث سنوات من البعثة ... راجع التمهيد ١ : ١٣٥ وما بعد.