وإنسان هكذا ـ لا بصيرة له في الحياة ـ يموت فيذهب سدى ، مهملا لا موضع له هناك أبدا. فقد انقطع أصله واستؤصل جذره.
يدلّنا على ذلك :
[٢ / ٤٠٠٧] ما رواه الكليني إلى أبي بكر الحضرميّ عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : «قلت له : أصلحك الله ، من المسؤولون في قبورهم؟ قال : من محض الإيمان ومن محض الكفر! قال : قلت : فبقيّة هذا الخلق؟ قال : يلهى ـ والله ـ عنهم ، ما يعبأ بهم!» (١).
فقوله عليهالسلام : «ما يعبأ بهم!» إشارة إلى عدم الاهتمام بهم ، إذ لا موضع لهم في مجال الاعتبار ، بعد كونهم همج لا وزن لهم في الحياة. فلا يعتدّ بهم ولا يعتنى بشأنهم ، كما لا يعتنى بشأن الوحوش والبهائم والحشرات.
أبدان مثاليّة أم حواصل طيور؟
هل الأرواح ، بعد مفارقتها الأجساد ، تنتقل إلى أبدان برزخيّة تماثل أبدانها الدنيويّة ، كما يبدو ذلك من كلام شيخنا المفيد رحمهالله؟ أم هي في حواصل طيور خضر ، ترعى في الجنّة وتأوي إلى قناديل تحت العرش ، كما رواه أصحاب الحديث؟
أم لا ذا ولا ذاك ، وأنّما الأرواح تستقلّ في تشكلّها في الحياة البرزخيّة ، على هيأة أشكالها في الحياة الدنيا ، من غير حاجة إلى نشأة أبدان مثاليّة ولا حواصل طيور خضر؟!
[٢ / ٤٠٠٨] روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم بالإسناد إلى أبي ولّاد الحنّاط عن الإمام أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : جعلت فداك ، يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟! فقال : «لا! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير! ولكن في أبدان كأبدانهم» (٢).
[٢ / ٤٠٠٩] وروى بالإسناد إلى يونس بن ظبيان قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : «ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟ فقلت : يقولون : تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش! فقال أبو عبد الله : سبحان الله! المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير. يا
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٣٧ / ٤٧٢٠ ؛ البحار ٦ : ٢٦٢ / ١٠٤.
(٢) الكافي ٣ : ٢٤٤ / ٤٧٣٦ ؛ البحار ٦ : ٢٦٨ / ١١٩.