وقال ابن العربي : (شَهْرُ رَمَضانَ ،) يعني : هلال رمضان. وإنّما سمّي الشهر شهرا لشهرته. ففرض الله علينا الصوم مدّة الهلال.
[٢ / ٤٧٨٤] وهذا قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» (١). ففرض علينا عند غمّة الهلال إكمال عدّة شعبان ثلاثين يوما ، وإكمال عدّة رمضان ثلاثين يوما عند غمّة هلال شوّال ، حتّى يدخل في العبادة بيقين ويخرج عنها بيقين.
[٢ / ٤٧٨٥] وكذلك ثبت عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مصرّحا به أنّه قال : «لا تصوموا حتّى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتّى تروه» (٢).
[٢ / ٤٧٨٦] وقد روى الترمذي عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «احصوا هلال شعبان لرمضان» (٣).
قال في قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) : هذا محمول على العادة بمشاهدة الشهر ، وهي رؤية الهلال. وكذلك روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الصيام وكذا الإفطار للرؤية ، كما مرّ.
وقد زلّ بعض المتقدّمين فقال : يعوّل على الحساب بتقدير المنازل ، حتّى يدلّ ما يجتمع حسابه ، على أنّه لو كان صحوا لرئي ، استنادا إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإن غمّ عليكم فاقدروا له».
قال : معناه عند المحقّقين : فأكملوا المقدار. ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين يوما».
[٢ / ٤٧٨٧] وفي رواية : «فإن غمّ عليكم فأكملوا صوم ثلاثين ثمّ أفطروا رواه البخاري ومسلم (٤).
وقد زلّ أيضا بعض أصحابنا فحكى عن الشافعي أنّه قال : يعوّل على الحساب. وهي عثرة لا لعا لها (٥).
وقفة عند قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ)
قال الراغب : الشّهود والشّهادة ، الحضور مع المشاهدة ، إمّا بالبصر أو بالبصيرة. وقد يقال
__________________
(١) انظر : البخاري ٢ : ٢٢٩.
(٢) مسند أحمد ٢ : ٦٣ ؛ البخاري ٢ : ٢٢٩.
(٣) الترمذي ٢ : ٩٨ ؛ البيهقي ٤ : ٢٠٦.
(٤) البخاري ٢ : ٢٢٩ ؛ سنن النسائي ٤ : ١٣٣.
(٥) أحكام القرآن لابن العربي ١ : ٨٢.