صبر لها وإن تداكّت عليه المصائب (١) لم تكسره وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا (٢) كما كان يوسف الصدّيق الأمين ـ صلوات الله عليه ـ لم يضرر حرّيّته أن استعبد وقهر وأسر ولم تضرره ظلمة الجبّ ووحشته (٣) وما ناله أن منّ الله عليه فجعل الجبّار العاتي له عبدا بعد إذ كان [له] مالكا ، فأرسله ورحم به أمّة وكذلك الصبر يعقّب خيرا ، فاصبروا ووطّنوا أنفسكم على الصبر توجروا».
[٢ / ٣٨١٨] وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «الجنّة محفوفة (٤) بالمكاره والصبر ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة. وجهنّم محفوفة باللّذات والشّهوات فمن أعطى نفسه لذّتها وشهوتها دخل النار».
[٢ / ٣٨١٩] وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن مرحوم ، عن أبي سيّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا دخل المؤمن في قبره ، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبرّ مطلّ عليه ويتنحّى الصبر ناحية ، فإذا دخل عليه الملكان اللّذان يليان مساءلته قال الصّبر للصلاة والزّكاة والبرّ : دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه».
[٢ / ٣٨٢٠] وعن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : دخل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المسجد ، فإذا هو برجل على باب المسجد ، كئيب حزين ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : مالك؟ قال : يا أمير المؤمنين أصبت بأبي [وأمّي] وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت (٥) ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : «عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غدا ؛ والصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور».
[٢ / ٣٨٢١] وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سماعة
__________________
(١) تداكّت : تداقّت عليه مرّة بعد أخرى. والتداكك : الازدحام. وأصل الدكّ : الكسر.
(٢) في بعض النسخ «بالعسر يسرا».
(٣) الجبّ : البئر.
(٤) حفّه بالشيء كمدّه : أحاط به.
(٥) لعلّ المراد بخشية الوجل خوفه أن يكون قد انشقّ مرارته من شدّة ما أصابه من الألم. أو المعنى : أخشى أن يكون حزني بلغ حدّا مذموما شرعا ، فعبّر عنه بالوجل.