ثمّ بشّر في عترته بالأئمّة ووصفوا بالصبر ، فقال جلّ ثناؤه : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ)(١) فعند ذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، فشكر الله ـ عزوجل ـ ذلك له : فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ)(٢) فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّه بشرى وانتقام ، فأباح الله ـ عزوجل ـ له قتال المشركين فأنزل [الله] : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)(٣)(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)(٤) فقتلهم الله على يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحبّائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادّخره له في الآخرة.
فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتّى يقرّ [الله] له عينه في أعدائه ، مع ما يدّخر له في الآخرة».
[٢ / ٣٨١٥] وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي محمّد عبد الله السرّاج ، رفعه إلى عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ؛ ولا إيمان لمن لا صبر له».
[٢ / ٣٨١٦] وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ بن عبد الله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان».
[٢ / ٣٨١٧] وعن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن عليّ بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إنّ الحرّ حرّ على جميع أحواله ، إن نابته نائبة (٥)
__________________
(١) السجدة ٣٢ : ٢٤. هذا من تأويل الآية والأ بباطنها ، حيث كانت الرئاسة العامّة ـ سواء أكان في نبيّ أم في إمام معصوم ـ إنّما تستدعي الصبر والمقاومة تجاه دسائس المناوئين.
(٢) الأعراف ٧ : ١٣٦ ودَمَّرْنا الدمار : الهلاك. (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) أي من الأشجار والأعناب والثمار أو ما كانوا يرفعونه من البنيان.
(٣) التوبة ٩ : ٥.
(٤) البقرة ٢ : ١٩١. ثقفه : صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.
(٥) النوب : نزول الأمر كالنوبة أي أصابته مصيبة.