وأمّا المقدّمة الثانية : فهي بالنسبة إلى انسداد باب العلم تامّة ، بل ضرورية لكل من تعرّض للاستنباط ، فانّ الضروريات من الأحكام ـ بل القطعيات منها ولو لم تكن ضرورية ـ أحكام إجمالية ، كوجوب الصلوات الخمس ، ووجوب الصوم في شهر رمضان ونحوهما ، ولا علم لنا بتفاصيل تلك المجملات من حيث الأجزاء والشرائط والموانع. وأمّا بالنسبة إلى انسداد باب العلمي فصحّتها مبتنية على أحد أمرين على سبيل منع الخلو ، بمعنى أنّ أحدهما يكفي في إثبات انسداد باب العلمي.
أحدهما : عدم حجّية الروايات الموجودة في الكتب المعتبرة ، إمّا من جهة عدم ثبوت وثاقة رواتها ، أو من جهة عدم حجّية خبر الثقة.
ثانيهما : عدم حجّية ظواهرها بالنسبة إلينا ، لاختصاص حجّية الظواهر بالمقصودين بالافهام ولسنا منهم ، فعلى كل من التقديرين ينسدّ علينا باب العلمي ، إذ على تقدير عدم ثبوت وثاقة الرواة ، أو عدم حجّية خبر الثقة تسقط الروايات عن الحجّية من حيث السند وإن قلنا بحجّية الظواهر بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام ، أو قلنا بأ نّا من المقصودين بالافهام ، وعلى تقدير عدم حجّية الظواهر بالنسبة إلينا تسقط الروايات عن الحجّية من حيث الدلالة ولو على تقدير اليقين بصدورها من المعصوم عليهالسلام.
وبالجملة : يكفي القائل بالانسداد تمامية أحد هذين الأمرين ، والقائل بالانفتاح لابدّ له من دفع كلا الأمرين وإثبات حجّية الروايات من حيث السند والدلالة.
وحيث إنّا ذكرنا الأمرين في بحث حجّية الخبر (١) وبحث حجّية الظواهر (٢) ، وأثبتنا حجّية الخبر من الحيثيتين في ذينك البحثين ، فلا حاجة إلى الاعادة.
__________________
(١) في ص ١٧٠ وما بعدها
(٢) في ص ١٣٧ ـ ١٤٢