(وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) إذا لم تستعدّ لنيلها ولم تمهّد أرضيّة الاستفاضة من وابل فيضها الغزير. (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً). (١)
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً)
[٢ / ٣١٣٥] قال مقاتل بن سليمان ـ في قوله تعالى ـ : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) يقول : لم نرسلك عبثا لغير شيء (بَشِيراً وَنَذِيراً) بشيرا بالجنّة ونذيرا من النار (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) فإنّ الله قد أحصاها عليهم. (٢)
[٢ / ٣١٣٦] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا بني عبد المطّلب يا بني فهر يا بني فلان ، أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقي؟ قالوا : نعم. قال : فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد». (٣)
[٢ / ٣١٣٧] وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : الجحيم ما عظم من النار. (٤)
وذكر أبو جعفر الطبري أنّ الجحيم هي النار بعينها إذا شبّت وقودها. ومنه قول أميّة بن الصلت :
إذا شبّت جهنّم ثمّ دارت |
|
وأعرض عن قوابسها الجحيم (٥). |
* * *
هذا على قراءة (تُسْئَلُ) مرفوعا مبنيّا للمفعول وهي قراءة عامّة القرّاء .. وقرأ نافع : «ولا تسأل» بفتح المضارعة والجزم على النهي وهي قراءة مرفوضة عند المحقّقين. وفنّدها أبو جعفر الطبري نظرا لمخالفتها للسياق ، ولوجوه ذكرها. وأيّد قراءة الرفع بموافقتها لقراءة أبيّ : «وما تسأل» ، وكذا قراءة ابن مسعود : «ولن تسأل» .. الأمر الذي يؤيّد كون «لا» نفيا لا نهيا.
وكذا رفض الخبرين بشأن تمنّيه لو يعلم من حالة أبوية : «أين أبواي؟» ـ كما في رواية داوود بن أبي عاصم ـ و «ليت شعري ما فعل أبواي» ـ كما في رواية محمّد بن كعب القرظي ـ!!
__________________
(١) طه ٢٠ ـ ١٠٩.
(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٣٤ ـ ١٣٥.
(٣) ابن أبي حاتم ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧ / ١١٥٠ ، و ١٠ : ٣٤٧٣ / ١٩٥٢٣ ، سورة المسدّ. وفي ذيله : فقال أبو لهب : تبّا لك ، إنّما جمعتنا لهذا؟! فنزلت سورة المسدّ.
(٤) الدرّ ١ : ٢٧١.
(٥) الطبري ١ : ٧٢٠. وشبّث النار : اتّقدت.