فلمّا رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد ، ثمّ قال : يا إسماعيل إنّ الله أمرني بأمر.
قال : فاصنع ما أمرك. قال : وتعينني؟ قال : وأعينك! قال : فإنّ الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفع القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتّى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
قال معمر : وسمعت رجلا يقول : كان إبراهيم يأتيهم على البراق. قال معمر : وسمعت رجلا يذكر أنّهما حين التقيا بكيا حتّى أجابتهما الطير (١).
[٢ / ٣٣٥٧] وأخرج ابن سعد عن أبي جهم بن حذيفة بن غانم قال : أوحى الله ـ عزوجل ـ إلى إبراهيم يأمره بالمسير إلى بلده الحرام ، فركب إبراهيم البراق وجعل إسماعيل أمامه وهو ابن سنتين وهاجر خلفه ، ومعه جبريل يدلّه على موضع البيت حتّى قدم به مكّة ، فأنزل إسماعيل وأمّه إلى جانب البيت ، ثمّ انصرف إبراهيم إلى الشام. ثمّ أوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت ، وهو يومئذ ابن مائة سنة وإسماعيل يومئذ ابن ثلاثين سنة فبناه معه ، وتوفّي إسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحجر ممّا يلي الكعبة مع أمّه هاجر ، وولي ثابت بن إسماعيل البيت بعد أبيه مع أخواله جرهم (٢).
[٢ / ٣٣٥٨] وأخرج الديلمي عن عليّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) الآية : قال : «جاءت سحابة على تربيع البيت لها رأس تتكلّم : ارتفاع البيت على تربيعي! فرفعاه على تربيعها» (٣).
[٢ / ٣٣٥٩] وقال مقاتل بن سليمان : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) يعني أساس البيت الحرام الّذي كان رفع أيّام الطوفان على عهد نوح فبناه إبراهيم وإسماعيل على ذلك الأصل وأعانهم الله ـ عزوجل ـ بسبعة أملاك على البناء. ملك إبراهيم. وملك إسماعيل. وملك هاجر.
__________________
(١) الدرّ ١ : ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ؛ مسند أحمد ١ : ٣٤٧ ، إلى قوله : «سبع مرّات» ؛ البخاري ٤ : ١١٣ ـ ١١٦ ، كتاب الأنبياء ؛ الطبري ٨ : ٣٠٠ ـ ٣٠٢ / ١٥٧٦١ ، سورة إبراهيم ، الآية ٣٧ ؛ الدلائل ٢ : ٤٦ ـ ٥٢ ؛ النسائي ٥ : ١٠١ / ٨٣٧٩ ؛ المصنّف ، لعبد الرزّاق ٥ : ١٠٥ ـ ١١١ / ٩١٠٧ ؛ فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل : ٨٢ ـ ٨٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٨١ ـ ١٨٢.
(٢) الدرّ ١ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ؛ الطبقات ١ : ٥٠ و ٥٢.
(٣) الدرّ ١ : ٣٠٧ ؛ الفردوس بمأثور الخطاب ٤ : ٤٠٣ / ٧١٧١ ؛ كنز العمّال ٢ : ٣٥٨ / ٤٢٣٦.