قلت : ومن غريب الاتّفاق أنّ روايات كمال الشهرين ينحصر طريق أسانيدها برواية خالد بن مهران الحذّاء عن عبد الرحمان بن أبي بكرة عن أبيه.
كما أنّ ما ورد في رواياتنا ينتهي إسنادها ـ حسبما ذكره الشيخ في التهذيب (١) ـ في الحسن بن حذيفة بن منصور عن أبيه عن معاذ بن كثير. وسنذكرها.
الأمر الّذي يجب التريّث لديه :
أمّا خالد بن مهران الحذّاء ، فقد توقّف فيه أئمّة النقد والتمحيص ، قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتجّ به. وكان زياد قد استعمله على عشور البصرة. قال يحيى بن معين : قلت لحمّاد بن زيد : فخالد الحذّاء؟ قال : قدم علينا قدمة من الشام فكأنّا أنكرنا حفظه.
ومن طريق أحمد بن حنبل : قيل لابن عليّة في حديث كان خالد يرويه؟ فلم يلتفت إليه ابن عليّة وضعّف أمر خالد. قال ابن حجر : والظاهر أنّ كلام هؤلاء فيه من أجل ما أشار إليه حمّاد بن زيد من تغيير حفظه بآخره أو من أجل دخوله في عمل السلطان (٢).
وأمّا حذيفة بن منصور ، فسيأتي نقل كلام ابن داوود فيه : حديثه غير نقيّ يروي الصحيح والسقيم ، ولذلك ذكرناه في الضعفاء. قال ابن الغضائري بشأنه : حديثه غير نقيّ يروي الصحيح والسقيم وأمره ملتبس ، ونقل عنه أنّه ولّي من قبل بني أمية (٣).
* * *
هذا ، فضلا عن أنّ الحديث في ظاهر تعبيره لا يستقيم على أساس ، وقد حاول بعضهم تأويله ، وذكروا له وجوها :
والبخاري بنفسه عند ما عقد الباب ، نقل عن إسحاق بن راهويه : أنّ هذين الشهرين حتّى لو كانا ناقصين عددا ، فإنّهما تامّان فضلا ومثوبة. قال : وإن كان ناقصا فهو تمام.
قال البخاري : وقال محمّد ـ يعني نفسه ـ : لا يجتمعان كلاهما ناقص (٤). أي لا يقعان كلاهما في سنة واحدة ناقصين.
قال ابن حجر في الشرح : اختلف العلماء في معنى هذا الحديث ، فمنهم من حمله على ظاهره ،
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٦٧ ـ ١٦٩.
(٢) تهذيب التهذيب ٣ : ١٢١ ـ ١٢٢ / ٢٢٤.
(٣) كتاب الرجال لابن داوود : ٧١ / ٣٨٩ و ٢٣٧ / ١١١.
(٤) البخاري ٢ : ٢٣٠.