وثانيها : أن يراد بقرنيه حزباه اللّذان يبعثهما لإغواء الناس.
وثالثها : أنّه من باب التمثيل ، شبّه الشيطان فيما يسوّل لعبدة الشّمس ويدعوهم إلى معاندة الحقّ ، بذوات القرون الّتي تعالج الأشياء وتدافعها بقرونها.
ورابعها : أن يراد بالقرن القوّة ، من قولهم : أنا مقرن له أي مطيق. (١) ومعنى التثنية تضعيف القوّة (٢) ، كما يقال : مالي بهذا الأمر يد ولا يدان ، أي لا قدرة ولا طاقة (٣).
وقال السيّد الجواد العاملي : وقد ذكر لهذه العلّة ـ أعني طلوع الشمس وغروبها بين قرني الشيطان ، معاني أربعة. الأوّل : أنّ القرن ، القوّة. والتثنية لتضعيفها. الثاني : أنّ قرنيه ، حزباه اللّذان يبعثهما لإغواء الناس. الثالث : أنّه يقوم في وجه الشمس حتّى تطلع أو تغرب بين قرنيه ، مستقبلا لمن يسجد للشمس. الرابع : تمثيل تسويل الشيطان لعبدة الشمس ودعائهم إلى مدافعة الحقّ ، بمدافعة ذوات القرون ومعالجتها بقرونها (٤).
وقال العراقي في شرح التقريب (٥) : اختلفوا في معنى الحديث ، فقيل : المراد ، مقارنة الشيطان للشمس عند طلوعها وغروبها. وقيل : المراد ، قوّة وسوسة الشيطان للعبد وتسويله له.
وقيل : وقوف الشيطان للشمس عند طلوعها ، فيقابلها بين قرني رأسه ، فينقلب سجود الكفّار للشمس عبادة له.
وقال القاضي عياض : المراد من قرني الشيطان على الحقيقة ، كما ذهب إليه الداوودي. وعند غروبها ، يريد السجود لله تعالى ، فيأتي شيطان فيصدّه ، فتغرب بين قرني رأسه ، وهكذا عند الطلوع.
وقال الخطّابي : قرنه عبارة عن مقارنته لها.
وقيل : المراد ، التمثيل بذوات القرون ، فكما أنّها تدافع عمّا يريدها بقرونها ، كذلك الشيطان يدافع عن وقتها بما يزيّنه للإنسان (٦).
__________________
(١) يقال : أقرن للأمر : أطاقه وقوي عليه. ومنه قوله تعالى : وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (الزخرف ٤٣ : ١٣) أي مطيقين.
(٢) أي مضاعفتها.
(٣) راجع : البحار ٨١ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، وكشف اللثام ٣ : ٩١ ، والجواهر ٧ : ٢٨٩.
(٤) مفتاح الكرامة ٢ : ٥٠ ، مؤسسة آل البيت.
(٥) طرح التثريب في شرح التقريب لزين الدين عبد الرحيم العراقي ٢ : ١٩٥. (هامش التنقيح ٦ : ٥٣٦).
(٦) راجع : هامش التنقيح للغروي ٦ : ٥٣٦ ـ ٥٣٧.