للحضور مفردا ، قال تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ)(١).
قال : لكن «الشهود» بالحضور المجرّد أولى ، و «الشهادة» مع المشاهدة أولى.
ويقال للمحضر : مشهد ، وجمع مشهد مشاهد. ومنه مشاهد الحجّ وهي مواطنه الشريفة الّتي يحضرها الملائكة والأبرار من الناس.
قال تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)(٢). (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٣). (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ)(٤) أي ما حضرنا. (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)(٥) أي لا يحضرونه بنفوسهم ، ولا بهمّهم وإرادتهم.
وقوله تعالى : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ)(٦) يعني مشاهدة البصر.
وقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ)(٧) أي تعلمون. وقوله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٨) أي ما جعلتهم ممّن اطّلعوا ببصيرتهم على خلقها (٩).
* * *
وقال ابن منظور : شهده شهودا أي حضره ، فهو شاهد. وقوم شهود أي حضور. وهو في الأصل مصدر.
والشاهد والشهيد : الحاضر ، والجمع شهداء وشهّد وأشهاد وشهود. وأنشد ثعلب :
كأنّي ، وإن كانت شهودا عشيرتي ، |
|
إذا غبت عنّي يا عثيم ، غريب |
_________________
(١) الرعد ١٣ : ٩. أي العالم بالمغيّب عنكم والحاضر لديكم جميعا. قال الراغب : أي العالم بما يغيب عن حواسّ الناس وبصائرهم وما يشهدونه بهما.
(٢) الحجّ ٢٢ : ٢٨. قال السيّد شبّر : أي ليحضروا منافع لهم دينيّة ودنيويّة.
(٣) النور ٢٤ : ٢. أي وليحضروا ويشاهدوا عذابهما.
(٤) النمل ٢٧ : ٤٩. أي ما حضرنا مقتلهم ، فلا نعرف قاتليهم.
(٥) الفرقان ٢٥ : ٧٢. قال السيّد شبّر : لا يحضرون محاضر الباطل. أي لا يحضرون مجالس السوء والفسوق.
(٦) الزخرف ٤٣ : ١٩. قال السيّد شبّر : أي أحضروا؟
(٧) البقرة ٢ : ٨٤.
(٨) الكهف ١٨ : ٥١. وبقيّة الآية : (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) أي أنا بوحدي خلقت الكون ولم يكن معي حين أوجدت وأبدعت شريك أو نظير ولا شاهد ولا ناظر مشير. وكذلك ما أشهدت بعضهم خلق بعض. وما كنت متّخذا من المضلّين عضدا : عونا أو مستشارا في أمر الخليقة. كيف وهو سبحانه غنيّ عن العالمين وهو المستعان.
(٩) المفردات ، مادّة شهد : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.