إذن فعلى الّذين يشقّ عليهم الصيام لشيخوخة أو ضعف مفرط لا يرجى زواله ، فعليهم التعويض بالفداء : (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) عن كلّ يوم ، من أوسط ما يطعمون أهليهم في العادة الغالبة (١).
[٢ / ٤٦٥٨] أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : كانت الآية في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، يطيقان الصوم وهو شديد عليهما ، فرخّص لهما أن يفطرا ويطعما (٢).
[٢ / ٤٦٥٩] وأخرج أبو إسحاق الثعلبي عن ابن عبّاس في قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) قال : يتكلّفونه (٣) ، وهو الشيخ الكبير الهرم والعجوز الكبيرة الهرمة ، يطعمون لكلّ يوم مسكينا ولا يقضون.
[٢ / ٤٦٦٠] وعن أبي زرعة : الشيخ الكبير والحامل والمرضع ، يطعمون لكلّ يوم مدّا من حنطة ولا يقضون (٤).
[٢ / ٤٦٦١] ومن ثمّ نسب إلى ابن عبّاس ، وغيره من السلف أنّهم قرأوا : «وعلى الّذين يطوّقونه» (٥) أي يتكلّفونه مع المشقّة اللاحقة بهم. قال أبو عبد الله القرطبي : وهي قراءة على إرادة التفسير ، فأدخله بعض النّقلة في القرآن (٦). فهي قراءة على التفسير ، كما دأب عليه السلف.
نعم كان الإفطار بشأن هؤلاء رخصة ، فمن تكلّفه منهم فصام ، فلا شيء عليه.
قال الشيخ محمّد عبده : ظاهر الآية يقتضي لزوم الفدية أفطر أم لم يفطر. لكن أجمعوا على أنّه لا يلزم إلّا مع الإفطار (٧).
لكن ظاهر لحن الخطاب ، وملؤه الحنان والإرفاق ، أنّه ترخيص وليس عزيمة. وعليه فمعنى الآية : ومن شقّ عليه الصيام فأفطر ـ أخذا بالرخصة ـ فعليه إطعام مسكين.
[٢ / ٤٦٦٢] وأخرج ابن جرير عن السدّي في قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) قال : أمّا الّذين يطيقونه فالرجل كان يطيقه ، وقد صام قبل ذلك ثمّ يعرض له الوجع أو العطش أو
__________________
(١) مقتبس من الآية ٨٩ من سورة المائدة.
(٢) عبد الرزّاق ١ : ٣٠٨ / ١٧٩.
(٣) وفي رواية الطبري ٢ : ١٨٧ / ٢٢٨٠ قال : يتحشّمونه : يتكلّفونه.
(٤) الثعلبي ١ : ٣٠٧ / ١٦٣٤ ، ١٦٣٦.
(٥) عبد الرزّاق ١ : ٣٠٩ / ١٨٠.
(٦) القرطبي ٢ : ٢٨٨.
(٧) المنار ٢ : ١٥٦.