[٢ / ٤٦٤٣] وقال القرطبي : وقال مجاهد : كتب الله صوم رمضان على كلّ أمّة (!). وقيل : أخذوا بالوثيقة (أي الاحتياط في الأمر) فصاموا قبل الثلاثين بيوم ، وبعدها بيوم ، قرنا بعد قرن (١) ، حتّى بلغ خمسين يوما ، فصعب عليهم في الحرّ فنقلوه إلى الفصل الشمسي (أي فصل الربيع). قال النقّاش : وفي ذلك حديث عن دغفل بن حنظلة ، والحسن البصريّ والسّدّي.
قال القرطبي : ولهذا (!) كره الآن صوم يوم الشكّ ، والستّة من شوّال بإثر الفطر.
[٢ / ٤٦٤٤] وقال الشعبي : لو صمت السنة كلّها لأفطرت يوم الشكّ! ذلك لأنّ النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان ، فحوّلوه إلى الفصل الشمسي. ثمّ جاء بعدهم قرن فأخذوا بالوثيقة لأنفسهم ، فصاموا قبل الثلاثين بيوم وبعدها بيوم ، ثمّ لم يزل الآخر يستنّ بسنّة من قبله حتّى انتهوا إلى الخمسين (٢).
قلت : كلّ هذا حديث خرافة يا أمّ عمرو!
كما ومن المستغرب أنّهم أخذوا في نسج أوهامهم عن أمّة (أهل الكتاب) كانوا بين أظهرهم فلم يراجعوهم ولم يسألوهم عن شعائرهم الدينيّة ، وهي تقام على مسمعهم ومنظرهم ، فكيف يا ترى أنّهم غفلوا عن ذلك وراحوا يتخبّطون في فراغات الأوهام!!
* * *
وهكذا أخذ أبو جعفر الطبري يساير تلكم الأوهام ليحشّد بها كتابه في التفسير.
قال : اختلفوا في المعنى الّذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا وصوم من قبلنا. فقال قوم : إنّه في الوقت والمقدار. روى ذلك عن الشعبي.
وقال آخرون : إنّ صومهم كان من العتمة إلى العتمة. كانوا يمسكون عن الأكل والشرب والنساء. حكى ذلك عن الربيع.
وقيل : إنّما عنى بمن قبلنا هم الناس أي جميع طوائف الناس ، سواء أهل الكتاب وغيرهم من سائر الأمم جميعا. وكان قد كتب الله على الأمم جميعا صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر.
قال : وأولى هذه الأقوال قول من جعل التشبيه واقعا بين فرضنا وفرض أهل الكتاب ، نظرا
__________________
(١) أي زادوا في كلّ ، يوما في البدء ويوما في الختام ، إضافة على زيادة الأعوام السابقة (!).
(٢) القرطبي ٢ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥.