لأنّ الأديان كلّها تبع لدين إبراهيم عليهالسلام وهو الّذي أمرنا باتّباعه. إذن فقد وقع التشبيه على الوقت ، لأنّ من كان قبلنا كان فرضهم صيام شهر رمضان .. (١).
قلت : إن هذا إلّا رجم بالغيب ومن غير أن يكون له سند تحقيق!؟
وعلى غراره مشى أبو إسحاق الثعلبي (٢) وتبعه البغوي (٣) والخازن (٤) والماوردي (٥) وابن كثير (٦) وغيرهم من أصحاب التفسير بالأثر ، من غير تريّث!
وجاء في رواياتنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة من أهل بيته عليهمالسلام أنّ فريضة الصيام ـ ولا سيّما في شهر رمضان ـ فضيلة اختصّ الله بها هذه الأمّة. وقد كان فرضا على الأنبياء أنفسهم دون أممهم. الأمر الّذي لا يتنافى ومشروعيّته لهم إجماليّا والندب إليه في بعض الأحوال ، كما عرفت (٧).
[٢ / ٤٦٤٥] روى ابن بابويه الصدوق بالإسناد إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضوان الله عليه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يفرض من صيام شهر رمضان فيما مضى إلّا على الأنبياء دون أممهم ، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي ، إكراما وتفضيلا» (٨).
[٢ / ٤٦٤٦] وروى بإسناده إلى حفص بن غياث النخعي قال : سمعت الإمام أبا عبد الله الصادق عليهالسلام يقول : «إنّ شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على أحد من الأمم قبلنا .. إنّما فرض الله صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأمم ، ففضّل الله به هذه الأمّة ، وجعل صيامه فرضا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى أمّته» (٩).
[٢ / ٤٦٤٧] وروى ثقة الإسلام الكليني بالإسناد إلى الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا حضر شهر رمضان ، وذلك في ثلاث بقين من شعبان ، قال لبلال : ناد في الناس ،
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٧٤ ـ ١٧٥.
(٢) الثعلبي ٢ : ٦٢ ـ ٦٣.
(٣) البغوي ١ : ٢١٤.
(٤) تفسير الخازن ١ : ١١٠.
(٥) النكت والعيون ١ : ٢٣٦.
(٦) ابن كثير ١ : ٢٢٠.
(٧) راجع : قاموس الكتاب المقدّس ـ جيمز هاكس : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٨) مستدرك الوسائل ٧ : ٤٠٠ ، عن كتاب فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق : ١٣٩.
(٩) الفقيه ٢ : ٩٩ ـ ١٠٠ / ١٨٤٤ ؛ فضائل الأشهر الثلاثة : ١٢٤ / ١٣١ ؛ البرهان ١ : ٣٩٤ / ٢.