ويفطر! فقال لي أبي : أما إنّك إذا أقمت قضيت!
[٢ / ٤٦١٣] وبالإسناد إلى شعبة عن عاصم قال : سمعت عروة يأمر رجلا صام في السفر أن يقضي!
قال : وعلّة من قال هذه المقالة : أنّ الله تعالى جعل فرض المريض والمسافر صوم عدّة من أيّام اخر غير شهر رمضان ، فكما أنّ المقيم لا يجوز له الإفطار أيّام رمضان والصيام عدّة أيّام أخر ، كذلك لا يجوز للمسافر الصيام في رمضان. لأنّ فرضه أيّام أخر.
[٢ / ٤٦١٤] مضافا إلى ما روي عن ابن عوف قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر».
* * *
قال أبو جعفر : وقال آخرون : إباحة الإفطار في السفر رخصة. والفرض الصوم. فمن صام فقد أدّى فرضه. ومن أفطر فقد أخذ بالرخصة.
[٢ / ٤٦١٥] وأخرج بالإسناد إلى أيّوب قال : كان عروة وسالم عند عمر بن عبد العزيز أيّام كان أميرا على المدينة ، فتذاكروا الصوم في السفر. قال سالم : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، وقال عروة : كانت عائشة تصوم. فقال سالم : إنّما أخذت عن ابن عمر! وقال عروة : إنّما أخذت عن عائشة! حتّى ارتفعت أصواتهما ، فقال عمر بن عبد العزيز : اللهمّ عفوا ، إذا يسرا فصوموا ، وإذا عسرا فأفطروا.
[٢ / ٤٦١٦] وأخرج بالإسناد إلى الزّهريّ عن سالم بن عبد الله. قال : خرج عمر في بعض أسفاره في ليال بقيت من رمضان ، فقال : إنّ الشهر قد تشعشع ـ أو تسعسع ـ (١) فلو صمنا ـ أي لعلّنا نصوم هذه البقيّة ـ فصام وصام الناس معه.
قال سالم : ثمّ أقبل مرّة قافلا حتّى إذا كان بالروحاء (٢) أهلّ هلال شهر رمضان ، فقال عمر : إنّ الله قد قضى السفر ، فلو صمنا ولم نثلم شهرنا! فصام وصام الناس معه.
[٢ / ٤٦١٧] وبالإسناد إلى خيثمة قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر؟ فقال : قد أمرت
__________________
(١) تشعشع : أي رقّ وبقيت منه بقيّة يسيرة. أمّا تسعسع فمعناه : أدبر وفني إلّا أقلّه.
(٢) موضع على بعد ستة وثلاثين ميلا من المدينة.