[٢ / ٤٥٣٥] وقد روى الدارقطني من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس ـ مرفوعا ـ : «لا تجوز وصيّة لوارث إلّا أن يشاء الورثة». قال : ورجاله ثقات ، إلّا أنّه معلول ؛ فقد قيل : إنّ عطاء هو الخراساني (١).
* * *
قال أبو عبد الله الأنصاري القرطبي : اختلف العلماء في هذه الآية ، هل هي منسوخة أو محكمة؟ فقيل : هي محكمة ، ظاهرها العموم ومعناها الخصوص [وأنّها] في الوالدين اللذين لا يرثان ، كالكافرين أو المملوكين. وفي القرابة غير الورثة. قاله الضحّاك وطاووس والحسن ، واختاره الطبري (٢).
وعن الزهري : أنّ الوصيّة واجبة فيما قلّ أو كثر. وقال ابن المنذر : أجمع كلّ من يحفظ عنه من أهل العلم ، على أنّ الوصيّة للوالدين اللّذين لا يرثان والأقرباء الّذين لا يرثون جائزة.
[٢ / ٤٥٣٦] وقال ابن عبّاس والحسن أيضا وقتادة : الآية عامّة ، وتقرّر الحكم بها برهة من الدهر ، ونسخ منها كلّ من كان يرث بآية الفرائض.
وقد قيل : إنّ آية الفرائض لم تستقلّ بنسخها ، بل بضميمة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا وصيّة لوارث». فنسخ الآية إنّما كان بالسنّة الثابتة لا بآية المواريث ، على الصحيح من مذهب العلماء.
قال القرطبي : ولو لا هذا الحديث لأمكن الجمع بين الآيتين ؛ بأن يأخذوا المال عن المورّث بالوصيّة [إن أوصى] ، وبالميراث إن لم يوص ، أو ما بقي بعد الوصيّة. لكن منع من ذلك هذا الحديث والإجماع!
قال : والشافعيّ وأبو الفرج وإن كانا منعا من نسخ الكتاب بالسنّة ، فالصحيح جوازه ، بدليل أنّ الكلّ حكم الله ومن عنده وإن اختلفت في الأسماء! قال : ونحن وإن كان هذا الخبر بلغنا آحادا ، لكن قد انضمّ إليه إجماع المسلمين أنّه لا تجوز وصيّة لوارث!
قال : فقد ظهر أنّ وجوب الوصيّة للأقربين الوارثين منسوخ بالسنّة ، وأنّها مستند المجمعين (٣).
__________________
(١) فتح الباري ٥ : ٢٧٨. وقد سبق ذلك عن البيهقي في الكبرى ٦ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
(٢) الطبري ٢ : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٣) القرطبي ٢ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.