للأبوين لكلّ واحد منهما السدس. وجعل للمرأة الثمن والربع ، وللزوج الشطر والربع (١).
قال ابن حجر : هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع ، كأنّه لم يثبت على شرط البخاري ، فترجم به كعادته ، واستغنى بما يعطى حكمه. قال : وقد أخرجه أبو داوود والترمذي وغيرهما من حديث أبي أمامة. وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي. وعن أنس عند ابن ماجة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند الدارقطني (٢). وعن جابر عند الدارقطني أيضا وقال : الصواب إرساله. وعن عليّ عليهالسلام عند ابن أبي شيبة.
قال : ولا يخلو أسناد كلّ منها عن مقال! لكن مجموعها يقتضي أنّ للحديث أصلا ، بل جنح الشافعي ـ في الأمّ (٣) ـ إلى أنّ هذا المتن متواتر ، فقال : وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال عام الفتح : «لا وصيّة لوارث». ويؤثرون عمّن حفظوه عنه ممّن لقوه من أهل العلم فكان نقل كافّة عن كافّة ، فهو أقوى من نقل واحد!
قال : وقد نازع الفخر الرازي في كون هذا الحديث متواترا ، وعلى تقدير تسليم ذلك فالمشهور من مذهب الشافعي أنّ القرآن لا ينسخ بالسنّة! قال : لكنّ الحجّة في هذا ، الإجماع على مقتضاه ، كما صرّح به الشافعيّ وغيره.
قال : والمراد بعدم صحّة وصيّة لوارث ، عدم اللزوم ، لأنّ الأكثر على أنّها موقوفة على إجازة الورثة.
__________________
(١) البخاري ٤ : ٤ ، كتاب الوصايا ، باب لا وصيّة لوارث.
(٢) راجع : الدارقطني ٤ : ١٥٢ / ١٠.
(٣) قال الشافعي : أخبرنا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد ، يعني في حديث «لا وصيّة لوارث». قال : ورأيت متظاهرا عند عامّة من لقيت من أهل العلم بالمغازي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ـ في خطبته عام الفتح ـ : «لا وصيّة لوارث». ولم أر بين الناس في ذلك اختلافا ... (الأمّ ٤ : ١١٤). قال : فوجدنا الدلالة على أنّ الوصيّة للوالدين والأقربين الوارثين منسوخة بآي المواريث من وجهين : أحدهما أخبار ليست بمتّصلة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة الحجازيّين ، منها : أنّ سفيان بن عيينة أخبرنا عن سليمان الأحول عن مجاهد : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا وصيّة لوارث» ... وقال ـ في الوجه الثاني ـ : ثمّ لم نعلم أهل العلم في البلدان اختلفوا في أنّ الوصيّة للوالدين منسوخة باي المواريث. واحتمل إذا كانت منسوخة أن تكون الوصيّة للوالدين ساقطة ، حتّى لو أوصى لهما لم تجز الوصيّة. وبهذا نقول. قال : وإن كان يحتمل أن يكون وجوبها منسوخا ، وإذا أوصى لهم جاز. (الأمّ ٤ : ١١٨).