يقتل ؛ لو لا ذلك قتل هذا.
وقال آخرون : معنى ذلك : ولكم في القصاص من القاتل بقاء لغيره ، لأنّه لا يقتل بالمقتول غير قاتله في حكم الله. وكانوا في الجاهليّة يقتلون بالأنثى الذكر ، وبالعبد الحرّ. ذكر من قال ذلك :
[٢ / ٤٤٩٩] روى موسى بن هارون عن عمرو بن حمّاد عن أسباط عن السدّي : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) يقول : بقاء ، لا يقتل إلّا القاتل بجنايته.
وتأويل قوله : (يا أُولِي الْأَلْبابِ :) يا أولي العقول. والألباب جمع اللبّ ، واللبّ العقل. وخصّ الله تعالى ذكره بالخطاب أهل العقول ، لأنّهم هم الّذين يعقلون عن الله أمره ونهيه ويتدبّرون آياته وحججه دون غيرهم.
وتأويل قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي تتّقون القصاص فتنتهون عن القتل كما :
[٢ / ٤٥٠٠] روى ابن وهب عن ابن زيد ، قال : لعلّك تتّقي أن تقتله فتقتل به (١).
* * *
[٢ / ٤٥٠١] وأخرج الثعلبي عن الشعبي والكلبي وقتادة قالوا : نزلت هذه الآية في حيّين من أحياء العرب اقتتلوا في الجاهليّة قبيل الإسلام بقليل ، وكانت بينهما قتلى وجراحات لم يأخذها بعضهم من بعض ، حتّى جاء الإسلام. قال قتادة ومقاتل بن حيّان : كانت بين بني قريظة وبني النضير (٢). وقال سعيد بن جبير : كانت بين الأوس والخزرج .. قالوا جميعا : وكان لأحد الحيّين على الآخر طول في الكثرة والشرف ، وكانوا ينكحون نساءهم بغير مهور (٣). فأقسموا لنقتلنّ بالعبد منّا الحرّ منهم. وبالمرأة منّا الرجل منهم ، وبالرجل منّا الرجلين منهم ، وبالرجلين منّا أربعة رجال منهم. وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك. فرفعوا أمرهم إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية وأمر بالمساواة بينهم ، فرضوا وسلّموا (٤).
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٣٩ ـ ١٥٧.
(٢) لا شأن لقبيلتين من اليهود (نكثا العهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنفاهم وصادر أموالهم) في نزول آية تخصّ أحكام الإسلام.
في حين أنّ الخطاب فيها أيضا مع المؤمنين!
(٣) وهذا يبيّن أنّ الحيّين لم يكونا من الأنصار لا من الأوس ولا من الخزرج ، بعد أن لم يعهد ذلك التفاضل بينهم في شيء.
(٤) البغوي ١ : ٢٠٧ ؛ الثعلبي ٢ : ٥٣ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٣٢٩.