أصل أو نظير وعكس عليه القول فيه ، ثمّ لن يقول في شيء من ذلك قولا إلّا ألزم في الآخر مثله. ثمّ في إجماع الحجّة على خلافه ما قاله في ذلك مكتفى في الاستشهاد على فساده بغيره.
* * *
وقال ـ في تأويل قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ـ : يعني ـ تعالى ذكره ـ بقوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) : ولكم يا أولي العقول فيما فرضت عليكم وأوجبت لبعضكم على بعض من القصاص في النفوس والجراح والشجاج ما منع به بعضكم من قتل بعض وقدع (١) بعضكم عن بعض فحييتم بذلك فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة.
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم في ذلك نحو الّذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك :
[٢ / ٤٤٩٣] روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) قال : نكال ، تناه.
[٢ / ٤٤٩٤] وكذا عن قتادة : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) قال : جعل الله هذا القصاص حياة ونكالا وعظة لأهل السفه والجهل من الناس. وكم من رجل قد همّ بداهية لو لا مخافة القصاص لوقع بها ، ولكنّ الله حجز بالقصاص بعضهم عن بعض. وما أمر الله بأمر قطّ إلّا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة ولا نهى الله عن أمر قطّ إلّا وهو أمر فساد في الدنيا والدين ، والله أعلم بالّذي يصلح خلقه.
[٢ / ٤٤٩٥] وعنه أيضا قال : قد جعل الله في القصاص حياة ، إذا ذكره الظالم المتعدّي كفّ عن القتل.
[٢ / ٤٤٩٦] وعن الربيع قوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) الآية ، يقول : جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لكم ، كم من رجل قد همّ بداهية فمنعه مخافة القصاص أن يقع بها ، وإن الله قد حجز عباده بعضهم عن بعض بالقصاص.
[٢ / ٤٤٩٧] وقال ابن جريج : حياة : منعة.
[٢ / ٤٤٩٨] وقال ابن زيد حياة : بقية (٢) ؛ إذا خاف هذا أن يقتل بي كفّ عنّي ، لعلّه يكون عدوّا لي يريد قتلي ، فيتذكّر أن يقتل في القصاص ، فيخشى أن يقتل بي ، فيكفّ بالقصاص الّذي خاف أن
__________________
(١) قدع : كفّ.
(٢) بقية : إبقاء.