[٢ / ٤٤٥٥] وعن سعيد عن عوف عن الحسن ، قال : لا يقتل الرجل بالمرأة حتّى يعطوا نصف الدية.
[٢ / ٤٤٥٦] وعن سماك عن الشعبي ، قال في رجل قتل امرأته عمدا ، فأتوا به عليّا ، فقال : «إن شئتم فاقتلوه ، وردّوا فضل دية الرجل على دية المرأة».
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في حال ما نزلت والقوم لا يقتلون الرجل بالمرأة ، ولكنّهم كانوا يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، حتّى سوّى الله بين حكم جميعهم بقوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)(١) فجعل جميعهم قود بعضهم ببعض. ذكر من قال ذلك :
[٢ / ٤٤٥٧] فقد روى أبو صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس قوله : (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) وذلك أنّهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ، ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله تعالى : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)(٢) فجعل الأحرار في القصاص ، سواء فيما بينهم في العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس ، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد في النفس وما دون النفس ، رجالهم ونساؤهم.
وقال أبو جعفر : فإذ كان مختلفا الاختلاف الّذي وصفت فيما نزلت فيه هذه الآية ، فالواجب علينا استعمالها فيما دلّت عليه من الحكم ، بالخبر القاطع العذر. وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنقل العامّ أنّ نفس الرجل الحرّ قود قصاصا بنفس المرأة الحرّة ، فإذ كان ذلك كذلك ، وكانت الأمّة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة على ما قد بيّنّا من قول عليّ وغيره ، وكان واضحا فساد قول من قال بالقصاص في ذلك ، والتراجع بفضل ما بين الديتين ، بإجماع جميع أهل الإسلام ، على أنّ حراما على الرجل أن يتلف من جسده عضوا بعوض يأخذه على إتلافه ، فدع جميعه ، وعلى أنّ حراما على غيره إتلاف شيء منه مثل الّذي حرم من ذلك بعوض يعطيه عليه ، فالواجب أن تكون نفس الرجل الحرّ بنفس المرأة الحرّة قودا ، وإذا كان ذلك كذلك كان بيّنا بذلك أنّه لم يرد بقوله تعالى ذكره : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) أن لا يقاد العبد بالحرّ ، وأن لا تقتل الأنثى بالذكر ، ولا الذكر بالأنثى. وإذا كان ذلك كذلك كان بيّنا أنّ الآية معنيّ بها أحد المعنيين الآخرين : إمّا قولنا من أن لا يتعدّى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني ،
__________________
(١) المائدة ٥ : ٤٥.
(٢) المائدة ٥ : ٤٥.