وقيل : معناه : ومثلهم في دعائهم الأصنام كمثل الناعق بما لا يسمع. قال : إلّا أنّ قوله : (إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) لا يساعد عليه ، لأنّ الأصنام لا تسمع شيئا.
قال : والنعيق : التصويت. يقال : نعق الراعي بالضأن. قال الأخطل :
فانعق بضأنك يا جرير فإنّما |
|
منّتك نفسك في الخلاء ضلالا (١). |
[٢ / ٤٢٤٠] قال الطبرسي : قد اختلف في تقدير الكلام وتأويله على وجوه :
أوّلها : أنّ المعنى : مثل الّذين كفروا في دعائك إيّاهم ، أي مثل الداعي لهم إلى الإيمان كمثل الناعق في دعائه المنعوق به من البهائم الّتي لا تفهم ، وإنّما تسمع الصوت ، فكما أنّ الأنعام لا يحصل لهم من دعاء الداعي إلّا السماع دون تفهّم المعنى ، فكذلك الكفّار لا يحصل لهم من دعائك إيّاهم إلى الإيمان إلّا السماع ، دون تفهّم المعنى ؛ لأنّهم يعرضون عن قبول قولك وينصرفون عن تأمّله ، فيكونون بمنزلة من لم يعقله ولم يفهمه.
وهذا كما تقول العرب : فلان يخافك كخوف الأسد ، والمعنى كخوفه من الأسد ، فأضاف الخوف إلى الأسد وهو في المعنى مضاف إلى الرجل كما قال الشاعر :
فلست مسلما ما دمت حيّا |
|
على زيد بتسليم الأمير |
أراد بتسليمي على الأمير ، وهذا معنى قول ابن عبّاس والحسن ومجاهد وقتادة (٢).
[٢ / ٤٢٤١] وروى أبو جعفر الطوسي بإسناده إلى أبي خالد الكوفي رفعه عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «العبادة سبعون جزءا ، أفضلها طلب الحلال» (٣).
[٢ / ٤٢٤٢] وأخرج مسلم بالإسناد إلى قتادة عن مطرّف عن عياض المجاشعي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذات يوم في خطبته : «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني ، يومي هذا : كلّ مال نحلته عبدا حلال. وإنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم ، وإنّهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم
__________________
(١) الكشّاف ١ : ٢١٤.
(٢) نور الثقلين ١ : ١٥٢ ـ ١٥٣ ؛ مجمع البيان ١ : ٤٧١ ؛ التبيان ٢ : ٧٧ ؛ كنز الدقائق ٢ : ٢١٨ ؛ البحار ٩ : ٦ ، باب ١.
(٣) التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٩١ ـ ١٢ ، كتاب المكاسب ، باب ٩٣ ؛ الكافي ٥ : ٧٨ / ٦ ؛ ثواب الأعمال : ١٨٠ ؛ معاني الأخبار : ٣٦٥ باب ١ (معنى أفضل أجزاء العبادة) ؛ البحار ١٠٠ : ٢٥ و ٢٩ ؛ نور الثقلين ١ : ٤٠ / ٤٧ ؛ البرهان ١ : ٣٧٥ / ١.