(وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) في أدوار متعاقبة وفي رتيب جميل (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) من نافعة وضارّة ، كلّ لمصلحة يراها اللبيب الحكيم جليلة (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) دون هدوئها فتفسد (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) تحمل بركاتها إلى الخلائق أجمعين ، كلّ ذلك (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
فهذا الكون بجملته شاهد بالوحدانيّة وبالرحمة في كلّ مجالاته وفي كلّ مجاليه.
إنّ السرّ الأعمق هو سرّ هذه الأسباب ، سرّ خلقة الكون بهذه الطبيعة المنسجمة ، وبهذه النسب المتوائمة ، وبهذه الأوضاع البديعة ، الّتي تسمح بنشأة الحياة ونموّها وتوفير الأسباب الملائمة لها ، من رياح وسحب وأمطار وتراب. سرّ هذه الموافقات التي يعدّ المعروف منها بالآلاف ، والّتي لو اختلّت واحدة منها ، ما نشأت الحياة أو ما سارت هذه السيرة المنتظمة. كما هو سرّ التدبير الدقيق الذي يشي بالعلم والإرادة والحكمة ، كما يشي بوحدة التصميم والتقدير.
* * *
[٢ / ٤١٧٢] أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داوود والترمذي وصحّحه وابن ماجة وأبو مسلم الكجّيّ في السنن وابن الضريس وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد بن السكن عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) و (الم. اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(١)» (٢).
[٢ / ٤١٧٣] وأخرج الديلمي عن أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ليس شيء أشدّ على مردة الجنّ من هؤلاء الآيات الّتي في سورة البقرة : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ...) الآيتين» (٣).
[٢ / ٤١٧٤] وروى الطبرسي مرفوعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نزلت هذه الآية ، قال : «ويل لمن لا كهابين
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١ ـ ٢.
(٢) الدرّ ١ : ٣٩٤ ؛ المصنّف ٨ : ٣٠٨ / ٨٥ ؛ مسند أحمد ٦ : ٤٦١ ؛ الدارمي ٢ : ٤٥٠ ؛ أبو داوود ١ : ٣٣٥ / ١٤٩٦ ، باب ٣٥٨ ؛ الترمذي ٥ : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ٣٥٤٣ ، باب ٦٥ ؛ ابن ماجة ٢ : ١٢٦٧ / ٣٨٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٧٢ / ١٤٦٠ ؛ الشعب ٢ : ٤٥٥ / ٢٣٨٣ ؛ كنز العمّال ١ : ٤٥١ / ١٩٤١ ؛ ابن كثير ١ : ٢٠٧ ؛ البغوي ١ : ١٩٤ ـ ١٩٥ / ١١٩ ؛ الوسيط ١ : ٢٤٦ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢٦٥ ؛ القرطبي ٤ : ٣.
(٣) الدرّ ١ : ٣٩٤ ؛ الفردوس بمأثور الخطاب ٣ : ٣٨٥ / ٥١٧٧ ؛ كنز العمّال ١ : ٥٦٧ / ٢٥٥٦.