[٢ / ٤١٤٦] وروي عن الإمام العسكري عليهالسلام : قال : «قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله في ردّهم نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : (١)(وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) على كفرهم (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ) يوجب الله تعالى لهم البعد من الرحمة ، والسحق من الثواب (٢)(وَالْمَلائِكَةِ) وعليهم لعنة الملائكة يلعنونهم (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ولعنة الناس أجمعين كلّ يلعنهم ، لأنّ كلّ المأمورين المنهيين (٣) يلعنون الكافرين ، والكافرون أيضا يقولون : لعن الله الكافرين ، فهم في لعن أنفسهم أيضا (خالِدِينَ فِيها) في اللعنة ، في نار جهنم (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) يوما ولا ساعة (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) لا يؤخّرون ساعة إلّا يحلّ بهم العذاب» (٤)
[٢ / ٤١٤٧] وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من سئل عن علم عنده فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة» (٥).
قال القرطبي ـ في تفسير الآية ـ : أخبر الله تعالى أنّ الّذي يكتم ما أنزل الله من البيّنات والهدى ملعون. واختلفوا من المراد بذلك؟ فقيل : أحبار اليهود ورهبان النصارى ، الّذين كتموا أمر محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كتم اليهود أمر الرجم.
وقيل : المراد كلّ من كتم الحقّ ، فهي عامّة في كلّ من كتم علما من دين الله يحتاج إلى بثّه ، وذلك مفسّر في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من سئل عن علم يعلمه فكتمه .... رواه أبو هريرة وعمرو بن العاص. أخرجه إبن ماجه.
ويعارضه قول عبد الله بن مسعود : «ما أنت بمحدّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم ، إلّا كان لبعضهم فتنة». وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حدّث الناس بما يفهمون أتحبّون أن يكذّب الله ورسوله؟»
وهذا محمول على بعض العلوم كعلم الكلام أو ما لا يستوى في فهمه جميع العوامّ ، فحكم
__________________
(١) إذ ولاية عليّ عليهالسلام امتداد لولاية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بنصّ حديث الغدير.
(٢) السحق ، المحق والإبادة.
(٣) أي كلّ متعبّد بأوامر الله ونواهيه.
(٤) البرهان ١ : ٣٧٠ ؛ تفسير الإمام : ٥٧٢ / ٣٣٤ ؛ البحار ٦ : ١٨٩ ـ ١٩٠ / ٣٣.
(٥) الدرّ ١ : ٣٩٢ ؛ الترمذي ٤ : ١٣٨ / ٢٧٨٧ ؛ ابن ماجة ١ : ٩٨ / ٢٦٦ ؛ الحاكم ١ : ١٠١ ، كتاب العلم ؛ أبو داوود ٢ : ١٧٩ / ٣٦٥٨ ؛ كنز العمّال ١٠ : ١٩٠ ـ ١٩١ / ٢٩٠٠١ ؛ مسند أحمد ٢ : ٣٠٥ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢٦٠ عبد الرزّاق ١ : ٢٩٩ / ١٥١ ؛ ابن كثير ١ : ٢٠٦.