فأولئك ملاقون ما أوعد الله من قبل به ، بزيادة وتفصيل وتوكيد :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).
ذلك أنّهم أغلقوا على أنفسهم باب الرحمة ، وعافوا الفرصة حتّى انقضت المهلة ، وأصرّوا على الكتمان والكفر والضلال ، فجاءتهم اللعنة مطبقة لا ملجأ منها ولا راحم .. وهذا هو العذاب الأليم المهين.
[٢ / ٤١٤٢] أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال : سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة ، وسعد بن معاذ أخو بني الأشهل ، وخارجة بن زيد أخو الحرث بن الخزرج ، نفرا من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة ، فكتموهم إيّاه وأبوا أن يخبروهم عنه. فأنزل الله فيهم : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى) الآية (١).
[٢ / ٤١٤٣] وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى) الآية. قال : أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهو دين الله ، وكتموا محمّدا ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) قال : من ملائكة الله ومن المؤمنين (٢).
[٢ / ٤١٤٤] وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : هم أهل الكتاب كتموا محمّدا ونعته ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا وبغيا ، وكتموا ما أنزل الله من أمره وصنعته (٣).
[٢ / ٤١٤٥] وأخرج ابن جرير عن السديّ في الآية قال : زعموا أنّ رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة ، قال له : هل تجدون محمّدا عندكم؟ قال : لا. قال : محمّد البيّنات (٤).
__________________
(١) الدرّ ١ : ٣٩٠ ؛ الطبري ٢ : ٧٢ ـ ٧٣ / ١٩٦٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٦٨ / ١٤٣٩ ؛ التبيان ٢ : ٤٦ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢٥٩.
(٢) الدرّ ١ : ٣٩٠ ؛ الطبري ٢ : ٧٣ / ١٩٦٧ ؛ مجمع البيان ١ : ٤٤٦ ، نقلا عن ابن عبّاس ومجاهد والحسن وقتادة وأكثر أهل العلم بنحو ما رواه التبيان ؛ الثعلبي ٢ : ٣٠ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٢٦١ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٣٠٠ / ١٥٢.
(٣) الدرّ ١ : ٣٩٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٦٨ / ١٤٤١ ؛ الطبري ٢ : ٧٣ / ١٩٦٦ ، نقلا عن الربيع.
(٤) الدرّ ١ : ٣٩٠ ؛ الطبري ٢ : ٧٣ / ١٩٦٨.