ومتنعّمون برضوان الله أبديّا.
حيث الموت ليس هو الفناء محضا ، وإنّما هو انتقال من دار إلى دار. والحياة إنّما هي بالروح ، والروح من أمر الله ، لا فناء له ، ولا سيّما من ذوي الأنفس الزكيّة. فهي باقية أبدا.
قال الشيخ أبو جعفر الصدوق رحمهالله : اعتقادنا في الأرواح أنّها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء.
[٢ / ٣٩٨٠] لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما خلقتم للفناء ، بل خلقتم للبقاء. وإنّما تنقلون من دار إلى دار» (١).
وأنّها في الأرض غريبة ، وفي الأبدان مسجونة.
وأنّها إذا فارقت الأبدان فهي باقية ، منها منعّمة ومنها معذّبة (٢).
* * *
والروايات بهذا الشأن كثيرة :
[٢ / ٣٩٨١] روى الإمام أبو محمّد العسكري عن آبائه عن الإمام موسى بن جعفر عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام : «ما خلقت أنت ولا هم لدار الفناء ، بل خلقتم لدار البقاء ، ولكنّكم تنتقلون من دار إلى دار» (٣).
[٢ / ٣٩٨٢] وقال الإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ : «إنّ هذه الدنيا ـ الّتي أصبحتم تتمنّونها وترغبون فيها ، وأصبحت تغضبكم وترضيكم ، ليست بداركم ولا منزلكم الّذي خلقتم له» (٤).
[٢ / ٣٩٨٣] وقال : «إنّ الدنيا دار فناء ، والآخرة دار بقاء. فخذوا من ممرّكم لمقرّكم ... ففي الدنيا حييتم ، وللآخرة خلقتم ...» (٥).
[٢ / ٣٩٨٤] وقال : «فللآخرة خلقتم ، وفي الدنيا حبستم» (٦).
إلى غيرها من روايات وهي كثيرة.
* * *
غير أنّ الّذي ذكره الصدوق رحمهالله ليس على إطلاقه إذ من الناس من يلهى عنهم كما ورد في
__________________
(١) البحار ٣٧ : ١٤٦ ؛ تفسير الإمام : ١١٧ / ٦٠.
(٢) الاعتقادات للصدوق : ٤٧ باب ٥١ (ج ٥ مصنّفات المفيد).
(٣) تفسير الإمام ١١٧ / ٦٠ ؛ البحار ٣٧ : ١٤٦ / ٣٦.
(٤) البحار ٣٢ : ٢٠ ؛ نهج البلاغة ٢ : ٨٧ ، الخطبة ١٧٣.
(٥) البحار ٧٠ : ٨٨ / ٥٦ ؛ عيون الأخبار ١ : ٢٩٧ و ٢٩٨.
(٦) البحار ٧٤ : ٤١٨ / ٤٠ ؛ الإرشاد للمفيد ١ : ٢٩٦.