الله» (١). ومن ثمّ فإنّه الّذي ربح المعركة لا يزيد الخاسر. وقد قدّمنا الكلام في ذلك (٢).
نعم ، الاتّكال على الله يجعل من الإنسان قويّا شهما مقداما في الأمور ، غير متراجع ولا متكاسل. ومن ثمّ فإنّ جند الله هم الغالبون.
نعم ، هنا تبدو قيمة الصلاة ، إنّها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوّة الباقية ، إنّها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الّذي لا يفيض ، إنّها مفتاح الكنز الّذي يغني ويقني ويفيض ، إنّها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير ، إنّها الروح والندى والظلال في الهاجرة ، إنّها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود. ومن هنا ؛
[٢ / ٣٨١٠] كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا عرضت له شدّة قال : «أرحنا بها يا بلال» (٣). ويكثر من الصلاة إذا حزّبه أمر ليكثر من اللقاء بالله (٤).
ومن ثمّ كانت الصلاة ـ وهي الصلة الوثيقة بين العبد وربّه ـ تجعل من ضعف الإنسان قوّة ومن تكاسله عزما ونشاطا ، ويذهب باليأس والقنوط ليخلفهما الرجاء والابتهاج.
والصبر والصلاة دعامتان قويمتان لبناء الإسلام وتثبيت الإيمان في القلوب وإيجاد الثقة بالله تعالى ثمّ الثقة بالنفس المعتمدة على ركن وثيق.
ومن ثمّ ذلك التأكيد البليغ على كلّ من الصبر والصلاة في مواضع عديدة من القرآن ، إذ كان الصبر دعامة لبناء مجتمع رصين ، ابتداء من بناء شخصيّة الفرد المقام المعتمد على النفس القويّة. وكانت الصلاة تستوثق عرى الاتّصال بين العبد وتلك القدرة المهيمنة على كافّة الوجود.
وإذا كان الفضاء الّذي يعيش في ظلّه أولئك المؤمنون حقّا المستوثقون من عرى أنفسهم برابط السماء. فهكذا مجتمع يعيش في ظلّ طمأنينة وقوّة وشوكة. ولا يمكن إيجاد مثل هذا الفضاء إلّا
__________________
(١) البحار ٤٥ : ٤٦.
(٢) وذكرنا كلام سيّد قطب الفخيم في المقام. في ظلال القرآن ٢٤ : ٧٧ ـ ٧٨ ، المجلّد ٧ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ذيل الآية ٥١ من سورة غافر.
(٣) البحار ٨٠ : ١٦ ؛ مجمع الزوائد ١ : ١٤٥ ؛ الكبير ٦ : ٢٧٧.
(٤) جاء في حديث حذيفة بن اليمان : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا حزّبه أمر فزع إلى الصلاة». الطبري ١ : ٣٧١ ذيل الآية ٤٥ من سورة البقرة. وهكذا كان الإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ إذا هاله أمر فزع إلى الصلاة ، كما في الحديث الوارد عن الإمام الصادق عليهالسلام ثمّ تلا : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) الكافي ٣ : ٤٨٠ / ١.