[٢ / ٣٥٠٦] وقال مقاتل بن سليمان : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) وذلك أنّ النبيّ وأصحابه كانوا بمكّة يصلّون ركعتين بالغداة وركعتين بالعشيّ ، فلمّا عرج بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء ليلا أمر بالصلوات الخمس ، فصارت الركعتان للمسافر ، وللمقيم أربع ركعات ، فلمّا هاجر إلى المدينة لليلتين خلتا من ربيع الأوّل أمر أن يصلّي نحو بيت المقدس لئلا يكذّب به أهل الكتاب إذا صلّى إلى غير قبلتهم مع ما يجدون من نعته في التوراة ، فصلّى النبيّ وأصحابه قبل بيت المقدس من أوّل مقدمه المدينة سبعة عشر شهرا وصلّت الأنصار قبل بيت المقدس سنتين قبل هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانت الكعبة أحبّ القبلتين إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال لجبريل عليهالسلام : «وددت أنّ ربّي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها!» فقال جبريل عليهالسلام : إنّما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا ، فاسأل ربّك ذلك ، وصعد جبريل إلى السماء ، وجعل النبيّ يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأل. فأنزل الله ـ عزوجل ـ في رجب عند الصلاة الأولى قبل قتال بدر بشهرين : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ). ولمّا صرفت القبلة إلى الكعبة قال مشركو مكّة : قد تردّد على أمره واشتاق إلى مولد آبائه ، وقد توجّه إليكم وهو راجع إلى دينكم ، فكان قولهم هذا سفها منهم ، فأنزل الله : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) يعني مشركي مكّة (ما وَلَّاهُمْ) يقول ما صرفهم (عَنْ قِبْلَتِهِمُ) الأولى (الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ) يا محمّد (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني دين الإسلام يهدي الله نبيّه والمؤمنين لدينه (١).
وقد اختلفوا في المراد من السفهاء ـ هنا ـ :
[٢ / ٣٥٠٧] فقد أخرج ابن جرير عن السدّي أنّهم المنافقون (٢).
[٢ / ٣٥٠٨] وعن مجاهد : أنّهم اليهود (٣). وكذا عن ابن عبّاس (٤).
[٢ / ٣٥٠٩] وروى بعضهم عن الحسن أنّهم مشركو العرب (٥).
[٢ / ٣٥١٠] وقال أبو محمّد عليهالسلام : «وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : يا محمّد هذه القبلة (بيت المقدس) قد صلّيت إليها أربع عشرة سنة ، ثمّ تركتها الآن ، أفحقّا كان ما كنت عليه ، فقد
__________________
(١) تفسير مقاتل ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٢) الطبري ٢ : ٤ / ١٧٧٢.
(٣) المصدر ٣ / ١٧٦٨.
(٤) المصدر.
(٥) أبو الفتوح ٢ : ١٩٥ ؛ تفسير مقاتل ١ : ١٤٤.