ثمّ إنّ ما مرّ من أنّ المختار إنّما هو المالك لا الساعي كان يكفي عن مئونة ذلك ، ولكن الفائدة تظهر إذا تبرّع المالك في أنّ المنع في الربّى هل هو لأجل المرض أو لعدم الإضرار في غيرها في من منع الزكاة وكان الأخذ بيد الساعي ، فيكون المنع في بعضها لأجل المرض ، وفي بعضها لعدم الإضرار ، مع أنّ في صحيحة بريد أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لمصدّقة : «إيّاك وكرائم أموالهم» (١) والأكولة والفحل من الكرائم.
ثمّ إنّهم اختلفوا في عدّ الأكولة وفحل الضراب في النصاب وعدمه على أقوال ، الأكثر على الأوّل ؛ للإطلاقات والعمومات ، وقوله عليهالسلام في صحيحة محمّد بن قيس : «يعدّ صغيرها وكبيرها» (٢).
والمحقّق في النافع والشهيد في اللمعة على الثاني (٣) ، ولعلّ مستندهما صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق عليهالسلام ، أنّه قال : «ليس في الأكيلة ولا في الربّى والربّى الّتي تربّي اثنين ولا شاة لبن ، ولا فحل الغنم صدقة» وهي ، مع اشتمالها على ما لا يقول به الأصحاب ، لا دلالة فيها على ذلك ، ويمكن حملها على عدم الأخذ ، لا العدّ.
والشهيد في البيان على عدم عدّ الفحل خاصّة ، إلا أن تكون كلّها فحولاً أو معظمها (٤) ، ودليله غير معلوم.
الثامن : إنّما تجب الزكاة في العين في كلّ ما تجب فيه الزكاة على المعروف من مذهب الأصحاب ، ونقل ابن حمزة عن بعض الأصحاب قولاً بتعلّقها بالذمّة (٥).
__________________
(١) وجدنا هذا اللفظ في سنن الدارمي ١ : ٣٨٤ ، وليس هو في رواية بريد ، انظر الكافي ٣ : ٥٣٦ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٩٦ ح ٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٨٨ أبواب زكاة الأنعام ب ١٤ ح ١.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٥ ح ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ ح ٦٢ ، الوسائل ٦ : ٧٨ أبواب زكاة الأنعام ب ٦ ح ٢ وهامشه.
(٣) المختصر النافع : ٥٦ ، اللمعة (الروضة البهيّة) ٢ : ٢٧.
(٤) البيان : ٢٩٠.
(٥) نقله عنه في البيان : ٣٠٣ ، وقال في الجواهر ١٥ : ١٣٩ وفي البيان عن ابن حمزة أنّه نقله عن بعض الأصحاب ، قيل : ولعلّه في الواسطة ، إذ ليس لذلك في الوسيلة أثر.