ما مرّ به من السنين» (١).
وأنت تعلم أنّ القدرة أيضاً تحمل على المقدور العرفيّ ، وهو ما كان سهل الحصول.
ولو سلّمنا ما ذكره فلا بدّ من أن يقيّد بما لم يوجب صرف بعضه فيه نقصه بذلك عن النصاب.
ثمّ إنّ المال الغائب عن المالك إذا كان في يد الوكيل أو الوليّ في مال الطّفل والمجنون على القول بثبوت الزكاة فيه وجوباً أو استحباباً ، فهو في حكم الحاضر ؛ لأنّ يد الوكيل كيد الموكّل ، وكذلك الوليّ ، فإذا تعلّقت الزكاة بمال الغائب بذلك ، فالكلام في المولّى عليه واضح ؛ إذ الوليّ هو المخاطب بالأداء.
وأمّا في غيره ، فإن علم في الغيبة بحصول النصاب له في ملكه وحؤول الحول فيما يحتاج إليه ، فيجب عليه الأداء ؛ إمّا من عنده ، وإمّا بأن يأذن للوكيل في إخراجه.
وإن لم يعلم بذلك ، فهل يجب على الوكيل الإخراج أم لا؟ الظاهر أنّه يتبع الوكالة عموماً وخصوصاً.
وأمّا ما أوهمه ظاهر بعض العبارات من إطلاق سقوط الزكاة عن المال الغائب (٢) فهو ليس على ظاهره ، بل المراد الغائب الّذي لا يتمكّن من التصرّف فيه ، كما هو صريح غيرها (٣).
ومن أسباب عدم التمكّن الجهالة ، كالمال الموروث عن غائب لا يعلمه.
ثمّ إنّ الشيخين (٤) وجماعة من الأصحاب (٥) قالوا : إنّ من ترك لأهله نفقة بقدر
__________________
(١) في التهذيب ٤ : ٣١ ح ٧٧ ، والاستبصار ٢ : ٢٨ ح ٨١ مرسلاً ، الوسائل ٦ : ٦٣ أبواب من تجب عليه الزّكاة ب ٥ ح ٧.
(٢) الشرائع ١ : ١٢٩ ، فإنّه قال : ولا تجب الزّكاة في المال المغصوب ولا الغائب إذا لم يكن في يد وكيله أو وليّه ، وكذا الإرشاد ١ : ٢٧٨.
(٣) كعبارة الشيخ في الخلاف ٢ : ٨١ مسألة ٩٦ ، والنهاية : ١٧٥ فإنّه قال : ولا زكاة على مال غائب إلا إذا كان صاحبه متمكّناً منه أيّ وقت شاء ، فإن كان متمكّناً منه لزمته الزّكاة ، وعبارة المحقّق في المختصر النافع : ٥٣ ، والمعتبر ٢ : ٤٩٠ فإنّه قال : فلا تجب في المال الغائب إذا لم يكن صاحبه متمكّناً منه.
(٤) الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٥٨ ، والشيخ الطوسيّ في المبسوط ١ : ٢١٣ ، والنهاية : ١٧٨.
(٥) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٥٣٠ ، والعلامة في التذكرة ٥ : ٣١ مسألة ١٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٨٩.