ويدلّ على هذه الأحكام مضافاً إلى عدم ظهور الخلاف فيها : العمومات ، وحسنة زرارة المتقدّمة ، وصحيحة إسحاق بن عمّار (١).
وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، المانعة عن إعطاء الزكاة إيّاهم معلّلاً بأنّهم عياله لازمون له (٢) ، لا يعارض بها ما قدّمناه ؛ لأنّ المراد لزوم الإنفاق ؛ لعدم وجوب قضاء الدين على المكلّف بالإنفاق ، كما صرّح به في المدارك (٣).
ولو صرف الغارم ما دُفع إليه من سهم الغارمين في غير قضاء الدين ، ففيه الخلاف السابق في جواز الارتجاع ؛ لأنّه أعطاه ليصرفه في وجه مخصوص ، فلا يسوغ له غيره. وعدمه ؛ لأنّه ملكه بقبضه ، فلا يحتكم عليه.
ونحن وإن رجّحنا في المكاتب الارتجاع ، لكنّا نقول الان : إنّ في الحكم بالارتجاع مطلقاً إشكالاً ؛ لأنّ الأصل ، كما أنّه يقتضي عدم استحقاقهم إلا من أجل ذلك ، وعدم جواز تصرّفهم إلا في ذلك ، وبعد الإعطاء المأمور به أيضاً الأصل عدم وجوب الارتجاع للمالك ، وعدم وجوب الردّ للغارم ، فإنّ جواز الارتجاع هنا بالمعنى الأعمّ ؛ وأُريد منه الوجوب لو لم يبدله المالك بشيء آخر من قِبَل نفسه ، ولم يعطه فقيراً آخر ، والجواز الأخصّ لو فعل ذلك ، فهذا الأصل متأخّر عن الأصلين الأوّلين ، والعمل عليه يقتضي هجرهما.
مع أنّا نقول : إنّ إعطاء الزكاة لهذه المصارف لأجل أن يصرف فيها يكفي فيه قصد ذلك حين الإعطاء وتحقّقه حينئذٍ ، فكونه مصرفاً حين الإعطاء كافٍ ، فهو يعطيه لأجل أن يصرف في هذا المصرف ؛ لا بشرط أن يصرف في هذا المصرف ، ومن البيّن جواز
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٥٣ ح ٢ ، الوسائل ٦ : ١٧٢ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٨ ح ٢ عن رجل على أبيه دين ولابنه مئونة ، أيعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال : نعم ، من أحقّ من أبيه؟
(٢) الكافي ٣ : ٥٥٢ ح ٥ ، التهذيب ٤ : ٥٦ ح ١٥٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٣ ح ١٠١ ، الوسائل ٦ : ١٦٥ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١٣ ح ١ قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئاً : الأب والأُمّ والولد والمملوك والمرأة ، وذلك أنّهم عياله لازمون له.
(٣) المدارك ٥ : ٢٢٩.