ثمّ إنّ الخمس في الغنيمة بعد وضع المُؤن بعد التحصيل ، مثل مئونة حفظها ونقلها وتحويلها إلى موضع القسمة ، ومئونة البهائم التي من جملتها ، والظاهر عدم الخلاف فيه ، وهو مقتضى الشركة وتعلّق حقّ أرباب الخمس به حين التحصيل ، وكذلك يقدّم عليه وضع الجعالة وما في معناها.
والمشهور أنّه لا نصاب فيها ؛ للإطلاق ، وعن المفيد في المسائل العزيّة أنّه اعتبر بلوغها عشرين ديناراً (١) ، ولم نقف على مستنده.
والأكثر على أنّ ما حواه العسكر من مال البغاة في حكم غنيمة دار الحرب (٢) ، مستدلاً بسيرة عليّ عليهالسلام مع أصحاب الجمل ، حيث قسّمها بين المقاتلين ثمّ ردّها على أصحابها (٣).
وذهب آخرون إلى المنع ، منهم السيّد (٤) وابن إدريس (٥) ، محتجاً عليه بسيرة عليّ عليهالسلام مع أصحاب الجمل أيضاً ، فإنّه أمر بردّ أموالهم ، فأُخذت حتّى القدر كفأها صاحبها لما عرفها ولم يصبر على أربابها ، كما في رواية مروان (٦).
ويظهر من السيّد في المسائل الناصرية عدم الخلاف في المسألة (٧) ، وادّعى ابن إدريس أيضاً الإجماع (٨) ، ومن أدلّتهم قوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا من طيب نفسه» (٩).
وقال في المسالك : الظاهر من الأخبار أنّ ردّ الأموال كان بطريق المنّ ،
__________________
(١) نقله عنه في المختلف ٣ : ٣٢٠.
(٢) كالشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٢٥٨ ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة ٢ : ٦٥ ، والسيّد في المدارك ٥ : ٣٦١ ، والبحراني في الحدائق ١٢ : ٣٢٤.
(٣) الوسائل ١١ : ٥٦ أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب ٢٥.
(٤) المسائل الناصرية (الجوامع الفقهيّة) : ٢٢٥ مسألة ٢٠٦.
(٥) السرائر ٢ : ١٩.
(٦) التهذيب ٦ : ١٥٥ ح ٢٧٣ ، الوسائل ١١ : ٥٨ أبواب جهاد العدو وما يناسبه ب ٢٥ ح ٥.
(٧) المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة) : ٢٢٥ مسألة ٢٠٦.
(٨) السرائر ٢ : ١٩.
(٩) عوالي اللآلي ١ : ١١٣ ح ٣٠٩ ، وج ٢ : ٢٤٠ ح ٦ ، وج ٣ : ٤٧٣ ح ٣.