الخامس : إذا كان مال التجارة عيناً زكويّةً ، واجتمعت فيها شرائط الزكاتين ، فالمعروف من المذهب المدّعى عليه الإجماع من غير واحد عدم اجتماع الزكاتين (١) ؛ لقوله عليهالسلام : «لا يثنّى في صدقة» (٢).
وقول الباقر عليهالسلام في حسنة زرارة : «لا تُزكّي المال من وجهين في عام واحد» (٣).
ونقل في الشرائع قولاً بثبوتهما معاً ، هذه وجوباً وهذه استحباباً (٤) ، وهو ضعيف.
ثمّ إنّ المفروض ههنا عامّين تعارضا من وجه ، والقاعدة الرجوع إلى المرجّحات ، أمّا على المشهور من القول باستحباب الزكاة في مال التجارة فتتعيّن الزكاة العينيّة ؛ لتقدّم الوجوب على الاستحباب ، وظاهر التذكرة الإجماع (٥).
وعلى القول بالوجوب فقيل : بتقديم العينيّة (٦) و (٧) ، وقيل : بالتخيير (٨) ، وذهب بعض العامّة إلى تقديم زكاة التجارة ؛ استناداً إلى بعض الاعتبارات الضعيفة (٩) ، ومستند التخيير التساوي في الوجوب.
والأقوى تقديم العينيّة ، لا لما قيل : إنّها تتعلّق بالعين فكانت أولى ؛ لعدم ثبوت رجحان من ذلك.
بل لأنّ الأدلّة الدالّة على وجوب الزكاة العينيّة أقوى وأظهر دلالةً وأثبت في
__________________
(١) كالعلامة في المنتهي ١ : ٥٠٩.
(٢) النهاية لابن الأثير ١ : ٢٢٤ ، كنز العمّال ٦ : ٣٣٢ ح ١٥٩٠٢ ، الصحاح ٦ : ٢٢٩٤ ، وفيها : لا ثنى. وكذا في التذكرة ٥ : ٢٢٣.
(٣) الكافي ٣ : ٥٢٠ ح ٦ ، وفيه : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ، التهذيب ٤ : ٣٣ ح ٨٥ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب من تجب عليه الزكاة ب ٧ ح ١.
(٤) الشرائع ١ : ١٤٦.
(٥) التذكرة ٥ : ٢٢٣.
(٦) قالوا : لأنّها أحظ للمساكين بتعلقها للغير (منه رحمهالله).
(٧) القائل هو الشيخ في المبسوط ١ : ٢٢٢ ، والخلاف ١ : ١٠٤.
(٨) نقله الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٠٣.
(٩) كابن قدامة في المغني ٢ : ٦٢٧.