وأمّا الساعي والفقيه ؛ فالأظهر عدم الوجوب ؛ لأنّ الخطاب مختصّ به ، فيحتاج التعدّي إلى دليل ، مع أنّها وردت في أبي لبابة وأصحابه حين أُطلق من ساريّة المسجد وعرض ماله للتصدّق ، وقصّته مشهورة (١) ، وليس ذلك في الزكاة ، بل إنّما عرض جميع ماله للتصدّق لتطهر نفسه. مع أنّ في التعليل إشعاراً بالاستحباب لهُ أيضاً كما لا يخفى.
وربّما يستدلّ بالعلّة على عدم الوجوب على غيرهُ ؛ لأنّ المراد بالسكن ما تسكن إليه النفس وتطمئنّ ، وإنّما هو فيه ومن يليه ، لاستجابة دعائه جزماً.
ويمكن القدح بأنّ السكون ربّما يحصل في غيره أيضاً ، فالعلّة تقتضي التعدية.
ويدفعه : أنّ مقتضى هذا التعليل وجوب كلّ ما يكون سكناً عليه ، مثل الرواح إلى بيتهم ، وإظهار مودّتهم ، لا أنّ الدعاء يجب على غيره لأنّه سكن.
ويؤيّد عدم الوجوب حسنة بريد بن معاوية المتقدّمة في العاملين ، فإنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم يأمر فيها بذلك مع اشتمالها على جلّ الاداب والسنن (٢).
قال في المدارك : أمّا المستحقّ فقيل : إنّه لا يجب عليه الدعاء إجماعاً ، ولا ريب في استحباب الدعاء للجميع (٣).
أقول : وعدم الوجوب على المستحقّ أيضاً يؤيّد عدم الوجوب على الساعي والفقيه بالفحوى.
ويكفي الدعاء بأيّ لفظ يكون.
وقال في التذكرة : يقول : أجرك الله فيما أعطيت ، وجعله لك طهوراً ، وبارك الله لك فيما أبقيت (٤).
__________________
(١) حكاه الزمخشري في الكشاف ٢ : ٣٠٦.
(٢) الكافي ٣ : ٥٣٦ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٩٦ ح ٢٧٤ ، الوسائل ٦ : ٨٨ أبواب زكاة الأنعام ب ١٤ ح ١.
(٣) المدارك ٥ : ٢٨٤.
(٤) التذكرة ٥ : ٣٦١.