السليمة والطباع المستقيمة ، ويبعد صدورها عن أئمّة الهدى ، بل هي ممّا يستشمّ منه رائحه الوضع والاختلاق.
على أنّ الروايات الأولى أكثر رواة وأوثق رجالا وأسدّ مقالا ، وأشبه بكلام أئمّة الهدى ، صلوات الله عليهم أجمعين (١).
قال الفقيه البحراني ـ بعد أن نقل كلام الفيض ـ : من تمحّل في محاولة الجمع والأخذ بالتأويل ، فقد أتى بتكلّف سحيق سخيف بعيد وظاهر القصور ، والأظهر هو رجحان القول المشهور لرجحان أخباره ـ على ما ذكره المحقّق الفيض ـ ويزيده اعتبارا اعتضادها بإجماع الطائفة سلفا وخلفا على الأخذ بمضمونها ، وهو مؤذن بكون ذلك هو مذهب أهل البيت عليهمالسلام (٢).
قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
نعم كان الصوم للمقيم السليم ، والرخصة للمسافر والمريض ، نعمة من الله ، نعمة الهداية إلى سبل السّلام والصلاح ، فكانت تستحقّ الشكر والتكبير لعظيم آلائه تعالى على العباد. وما هذه إلّا غاية عليا من غايات الفرائض ، أن يشعر المؤمن بقيمة الهدى الّذي يسّره الله له ، وهذا الإحساس والشعور هو بذاته شكر على النعماء.
وهو أمر فطريّ يجده الإنسان في صميم ذاته ، عند ما يواجه إفضال ربّه تعالى عليه ، فينبعث من ذات وجوده ليبدي هذا الشكر في صورة خضوع وخشوع وإعظام وإكبار تجاه هذا التوفيق العظيم ومن ثمّ قالوا : شكر النعم واجب في شريعة العقول.
[٢ / ٤٩٣٤] وفي الحديث : «الشكر ، المعرفة» (٣).
هذا ، وقد ورد الأثر بأداء هذا التكبير شكرا لله ، عند إكمال الصوم ، ليلة الفطر ، بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء وبعد الفجر وبعد صلاة العيد.
[٢ / ٤٩٣٥] روى المشايخ الثلاثة بالإسناد إلى سعيد النقّاش ، عن الإمام أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أما إنّ في الفطر تكبيرا ، ولكنّه مسنون. قلت : وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة
__________________
(١) المصدر : ١٤٦ ، بتصرّف واختزال.
(٢) الحدائق الناضرة ١٣ : ٢٧٨ ، بتصرّف واختزال.
(٣) المحاسن ١ : ١٤٩ / ٦٥ ، كتاب الصفوة ، باب المعرفة ١٩ ؛ البحار ٢٤ : ٦٠ / ٣٨ ، باب ٢٩.