والحرام والفتيا والأحكام ، الّذين لا يطعن عليهم ، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم ، وهم أصحاب الأصول المدوّنة ، والمصنّفات المشهورة ، كلّهم قد أجمعوا نقلا وعملا على أنّ شهر رمضان يكون تسعة وعشرين يوما ؛ نقلوا ذلك عن أئمّة الهدى عليهمالسلام وعرفوه في عقيدتهم ، واعتمدوه في ديانتهم (١).
* * *
وللشريف المرتضى أيضا رسالة في الردّ على دلائل أصحاب القول بالعدد ، يذكر أدلّتهم ويناقشها واحدة بعد أخرى. ويجعل الرجحان في كفّة القائلين بالرؤية. وفقا للمتواتر من أحاديث الرسول والأئمّة من ذرّيّته الأطيبين ، صلوات الله عليهم أجمعين (٢).
ومن المعاصرين العلّامة المولى أبو الحسن الشعراني ، في تعليقه على كتاب الوافي للمولى محسن الفيض الكاشاني ، علّق على قول المصنّف : «إنّ المسألة ممّا تعارضت فيه الأخبار» قال : العجب من المصنّف كيف اعتنى بهذه الأخبار ، وكيف يتعارض المتواتر المشهور مع الشاذّ النادر؟! فالاستهلال والشهادة على رؤية الهلال ، عمل جميع المسلمين ، يعلم ذلك جميع أهل العالم ، وملأت الكتب من أحكامها في الفقه والحديث والتواريخ والسّير من نقل الوقائع فيها ، فكيف تقاس الأحاديث الّتي شهد بصحّتها آلاف ألوف من الناس ، بأحاديث لم يطّلع عليها أحد إلّا نادرا ، ومن اطّلع عليها ردّها إلّا نادرا! ومن يرى التعارض بينهما ، فمثله كمثل من يرى التعارض بين اللائح المشهور والخامل المغمور.
وهل هناك تعارض بين المتواتر المعلوم والشاذّ النادر المهجور؟! إذن لا ينبغي الاعتناء بخبر الواحد المناقض للمتواتر المستفيض (٣).
وممّا يجدر التنبّه له أنّ المولى الفيض الكاشاني ، بعد كلامه ذلك نبّه إلى نكتة دقيقة ، قال : والصواب أن يقال : هنا روايتان ، إحداهما موافقة للقواعد والأصول المعتمدة ومطابقة للظواهر والعمومات القرآنيّة والأخرى مخالفة لها ، فضلا عن اشتمالها على تعليلات عليلة تنبو عنها العقول
__________________
(١) رسالة «جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية» وهي المعروفة بالرسالة العدديّة. (المجلد التاسع من مصنّفات الشيخ المفيد).
(٢) المجموعة الثانية من رسائل الشريف المرتضى ، برقم ١٠ (١٧ ـ ٦٣).
(٣) الوافي ١١ : ١٤٥ ، الهامش ، بتصرّف يسير.