والاستنباط.
وقد أكثر الثقة الجليل أبو جعفر محمّد بن عليّ بن النعمان المعروف بمؤمن الطاق ، في كتابه «إفعل ولا تفعل» من التشنيع على العامّة في روايتهم ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّهم كثيرا ما يخبرون عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بتحريم شيء وبعلّة التحريم ، وتلك العلّة خطأ لا يجوز أن ينطق بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يحرّم الله من قبلها شيئا. فمن ذلك ما أجمعوا عليه من النهي عن الصلاة في وقتين ، عند طلوع الشمس وعند الغروب ، فلو لا أنّ علّة النهي : أنّها تطلع وتغرب بين قرني الشيطان ، لكان ذلك جائزا. لكن ، فإذ كان آخر الحديث موصولا بأوّله ، وكان آخره فاسدا ، كان ذلك موجبا لفساد الجميع. قال : وهذا (١) جهل من قائله ، والأنبياء لا تجهل .. قال : فلمّا بطلت هذه الرواية بفساد آخر الحديث ، ثبت أنّ التطوّع جائز في الوقتين (٢).
والقول بالتفصيل
كما لا مجال للقول بالتفصيل بين النوافل المبتدأة وغيرها من ذوات الأسباب (٣) ، بعد عموم التعليل ، لو اعتبرناه!
نظرا لأنّ إبليس ، لو كان له أن يعبث بصلاة المصلّين حينذاك ، فإنّه لا يفرّق بين صلاة وصلاة ، وقد ثبت في الأصول : أنّ التعليل يعمّم ويخصّص (٤).
ذكر المحقّق صاحب الشرائع أنّ النوافل المبتدأة تكره عند طلوع الشمس وعند غروبها (٥).
[٢ / ٤٩١٧] واستدلّ له صاحب الجواهر بما رواه محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام بشأن الصلاة على الجنائز في كلّ ساعة وأنّها جائزة ، حيث إنّها ليست بصلاة ذات ركوع وسجود ، وإنّما تكره الصلاة
__________________
(١) أي تعليل التحريم بطلوع الشمس وغروبها بين قرني الشيطان.
(٢) نقله المحقّق السيّد العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٠٨ ـ ١٠٩ ؛ وكذا الفاضل الهندي في كشف اللثام ٣ : ٩٠ ـ ٩١ ، ولكن ناسبا له إلى المفيد. وهو سهو منه.
(٣) كصلاة التحيّة وصلاة الطواف والزيارة وصلاة يوم الغدير ونحوها.
(٤) كما إذا قيل : لا تأكل الرمّان ، لأنّه حامض. فإنّه يخصّص الحكم بالحامض منه. أو قيل : لا تشرب الخمر ، لأنّه مسكر. فإنّه يعمّم الحكم لكلّ مسكر بالذات.
(٥) شرائع الإسلام ١ : ٦٤ ، المسألة الخامسة.