والصلاة ، فان فورية الأوّل تقتضي إيجاده في أوّل أزمنة الامكان ، فلو توجه إليه التكليف بالصلاة في نفس ذلك الزمان كان راجعا إلى الأمر بالضدين في زمان واحد ، فيكون منشأ التزاحم فيه هو التضاد بين المتعلقين مع وحدة زمانهما.
ويمكن أن يلحق بذلك الغريقان فانه بعد أن [ كان ](١) المكلف لا يقدر على إنقاذهما دفعة واحدة ، وأنه لا يمكن إنقاذهما تدريجا لتلف الثاني عند الاشتغال بأحدهما ، يكونان بمنزلة المتضادين اللذين لا يسعهما الزمان ، بمعنى أنه بعد عدم إمكان الجمع بينهما دفعة واحدة يكون مكلفا بانقاذ هذا وحده وإنقاذ هذا وحده ، وبذلك يحصل التضاد بينهما ، فلو توجه الأمر الفوري بانقاذ كل منهما كان من قبيل الأمر بفعلين متضادين في زمان لا يسع إلاّ أحدهما ، والأمر في المثال سهل ، والعمدة إنما هي في الفرق بين القسم الأوّل والثاني ، وقد عرفت وضوح الفرق بينهما باعتبار وحدة الزمان في الثاني وعدمه في الأوّل ، وهذا المقدار له أثر فيما هو قدسسره
__________________
صار محتاجا إلى إنقاذ هذا على حدة وإنقاذ هذا على حدة في زمان واحد ، وحينئذ يكون الحاصل إيقاع الانقاذين في زمان واحد لا يسع إلاّ أحدهما ، فيكون من قبيل طروّ التضاد عليهما ، وإنما قلنا إنقاذ هذا على حدة وانقاذ هذا على حدة لأنه لا يمكنه إنقاذهما معا بانقاذ واحد ، فيحتاج إلى تعدد الانقاذ مع أن الزمان لا يسع إلاّ إنقاذا واحدا.
ولا يخفى أن إلحاق هذا المثال بالقسم الثاني أولى ، لأن الترتب فيه يكون بنحو الشرط المقارن مثل الترتب بين الصلاة والازالة ، إذ لو قلنا أنقذ الأهم فان عصيت فانقذ المهم ، كان اشتراط الأمر بالمهم بعصيان الأهم من قبيل الشرط المقارن لا المتقدم ولا المتأخر ، وحينئذ يكون إدخاله في القسم الثاني أولى من إدخاله في القسم الأوّل. [ منه قدسسره ].
(١) [ لم يكن في الأصل ، وانما أضفناه لاستقامة العبارة ].