منها ، فلا مانع من ذلك أصلا ، فإذا تيقن المكلّف على حسب العادة بحصول الشرط المذكور تعلّق الوجوب به ، وصحّ منه الإتيان بالفعل.
فان قلت : من أين يستفاد كون الشرط الحاصل في المقام من هذا القبيل حتى يصح الحكم بصحة الفعل المفروض ، مع أنّ مقتضى الأصل الأولي انتفاء الصحة.
قلت : إنّ ذلك أيضا قضية إطلاق الأمر المتعلّق بالفعل ، إذ أقصى ما يلزم في حكم العقل تقييده بصورة الإتيان بالأهم ، وأمّا مع خلوّ زمان الفعل عن الاشتغال به بحسب الواقع فلا مانع من تعلّق التكليف بغير الأهم ، فإذا علم المكلف ذلك بحسب حاله لم يكن هناك مانع من اشتغاله بغير الأهم ، ولا من تكليفه بالإتيان به ، ولا قاضي إذن بالالتزام بتقييد الإطلاق بالنسبة إليه (١).
وقال في البدائع : فان قلت : الواجب المشروط لا يجب قبل الشرط ، فإذا كان ترك أحدهما شرطا لوجوب الآخر فكيف يتصف بالوجوب مقارنا للترك قبل تحققه. قلت : الشرط هو تقدير الترك لا نفس الترك ، وهو الفارق بين الواجب المشروط وبين ما نحن فيه ، فانّ الوجوب إن كان مشروطا بوجود شيء فهذا هو الواجب المشروط الذي يتوقّف وجوبه على وجود الشرط ، ولا يتصف بالوجوب قبله ولو مقارنا. أمّا لو كان مشروطا بتقديره لا بتحققه ووجوده فهذا يتصف بالوجوب قبل وجوده ، لأنّ الشرط هو تقدير الوجود لا نفسه ، والتقدير محقّق قبل وجوده ، فلا مانع من تحقق الوجوب قبل تحققه. وهذا يسميه بعض بالواجب المعلّق ، قسيم الواجب
__________________
(١) هداية المسترشدين ٢ : ٢٧٣.