وأما دعوى العينية فلا وجه لها أيضا بناء على كون النهي من مقولة الردع والزجر ، وأما بناء على كونه من قبيل طلب الترك فقد يقال بالعينية نظرا إلى أن طلب ترك الترك عين طلب الفعل خارجا وإن اختلفا مفهوما أعني أن الحكم في مقام الثبوت واحد ، تارة يعبّر عنه بعبارة واضحة وهي وجوب الفعل أو طلبه أو الأمر به ونحو ذلك ، واخرى يعبّر عنه بعبارة بعيدة المسافة وهي طلب ترك تركه أو النهي عن (١) تركه بمعنى طلب ترك تركه ، وهذا مطلب لا نزاع فيه.
وحينئذ فما أفاده شيخنا قدسسره بقوله : وفيه أن محل الكلام هو أنه إذا تعلق الأمر بشيء فهل هو بعينه نهي عن الترك أم لا ، لا أنّه إذا كان هناك أمر بالفعل ونهي عن الترك فهل هما متحدان أم لا ، والدليل إنما يكفي للاتحاد في المقام الثاني لا الأول ... إلخ (٢) لا يخلو عن تأمل ، فانه بعد تسليم الوحدة في مقام الثبوت يكون ذلك الحكم الواقعي المحقق في مقام الثبوت قابلا لأن يعبّر عنه بكل من العبارتين ، ولا يضر في ذلك غفلة الآمر عن الترك ، فان كل أمر واقعي صالح لأن يعبّر عنه بعبارتين ـ مثل الشخص الذي هو عالم وهاشمي ـ لا يضر في دعوى وحدته وصلاحية التعبير عنه بكل من العبارتين غفلة المعبّر عن إحدى العبارتين ، فان زيدا بعد أن كان هو عين ابن [ اخت ](٣) خالته لا يضر بهذا الاتحاد والعينية الغفلة عن خالته حينما نخبر عنه فنقول زيد قائم.
وأما دعوى الاقتضاء بمعنى الالتزام ، فان كانت بالاضافة إلى النهي
__________________
(١) [ في الأصل هنا زيادة : « ترك » حذفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٦ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].
(٣) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه للمناسبة ].