العطش.
وإن احتاجت إلى توسط الاختيار ، فان كان ذلك الاختيار من الغير كما في أفعال الزارعين بالنسبة إلى صيرورة الزرع حبا أو سنبلا المتوقف على الأفعال الالهية ، فتلك الأفعال لا تكون إلاّ من قبيل المعدّ بالنسبة إلى ما يترتب عليها من صيرورة الزرع سنبلا ، ولو كان في البين أمر أو تكليف فهو لا يتعلق إلاّ بنفس تلك الأفعال ، وتكون واجبة نفسيا لا غيريا.
وإن كان ذلك الاختيار من الفاعل كما في مشي الرجل وحركته ليتوصل إلى الجلوس في المجلس أو في المسجد أو إلى الصلاة فيه ، فان جميع تلك الحركات مقدمات إعدادية لما يترتب عليها من الجلوس أو الصلاة في المسجد ، لكن ترتب ذلك عليها محتاج إلى اختيار من الفاعل. فان كان في البين أمر نفسي فهو لا يتعلق إلاّ بالغاية المذكورة ، وتكون تلك الحركات الانتقالية التي سميناها إعدادية مقدمة لتلك الغاية ، فان كانت الغاية واجبة نفسيا كانت تلك الحركات واجبة غيريا إن قلنا بوجوب المقدمة.
قوله : لا إشكال في خروج المقدمات العقلية عن محل الكلام وعدم جواز تأخرها عن المعلول ... الخ (١).
الظاهر وحدة الاشكال في الجميع. وكما يمكن دفعه في المقدمات الشرعية بالتمسك بأذيال كون الشرط هو العنوان المنتزع من وجود المتأخر بدعوى كون العناوين الانتزاعية كالتقدم إنما تنتزع من نفس المتقدم ، وأنه لا دخل لوجود المتأخر في انتزاعها كما سيأتي في الأمر الثاني (٢) ، فكذلك
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٢١.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ [ وسيأتي التعرض لذلك في صفحة : ١٢ من هذا المجلّد ].