الإيمان ، ولم يقدر إلاّ على إنقاذ واحد ، كان من قبيل المزاحمة في غريقين أحدهما مؤمن والآخر مردد بين الكفر والنبوة ، فهل يقدّم إنقاذ الأول لكونه معلوم الإيمان أو الثاني لكونه محتمل النبوة وإن كان محتمل الكفر أيضا؟ فيه تأمل وإشكال. ولو قلنا بتقدم الثاني كان مرجعه إلى تقديم الاحتياط في حفظ النبي على التكليف المعلوم تفصيلا ، وهو لزوم إنقاذ المؤمن الذي هو الطرف ، وحينئذ يتأتى فيه الترتب العقلي ، وفيه تأمّل.
ونظير ذلك ما لو كان هناك غريقان لا يقدر إلاّ على إنقاذ أحدهما وكان يعلم إجمالا بأنّ أحدهما مؤمن والآخر كافر ، فانّه في ذلك يلزمه إنقاذ أحدهما إما لأجل تبعيض الاحتياط أو لأجل أصالة الاحترام في الدماء والنفوس. لكن إذا زاحم ذلك وجوب الصلاة هل يكون المقدّم هي أو إنقاذ أحدهما؟ ولو قلنا بالتقديم فهل يتأتى الترتب؟ ولو قلنا بالتساوي فهل يستحق عقابين لو ترك الجميع؟ كل ذلك محل تأمّل.
قوله : فغير سديد ـ إلى قوله : ـ فانّ الحكم المتعلّق بعنوان الناسي يستحيل أن يكون فعليا آناً ما ، لأنّه مع الالتفات إلى نسيانه يخرج عن الموضوع ، وبدونه يستحيل فعلية الحكم المقيّد به ، فإذا امتنعت الفعلية يمتنع الجعل أيضا ، لما عرفت فيما مرّ من أنّ جعل الأحكام إنّما هو بنحو القضايا الحقيقية التي تكون الفعلية فيها منوطة بفعلية موضوعاتها ... الخ (١).
فيه تأمّل ، لأنّه لو قلنا مثلا إنّ وجوب الجهر مختص بالذاكر وأنّ تكليف الناسي إنّما هو الإخفات ، وقد نسي المكلّف الإجهار وأخفت في
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩٦ ـ ٩٧ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].