الضيافة لمن يعلم أنه يرده الضيف في غد مثلا. والفرق بين النحوين أن الأول لا يكون وجوده الخارجي إلاّ متأخرا عن الفعل ، بخلاف الثاني فان وجوده الخارجي ربما كان سابقا على الفعل ، كأن تحسن إلى زيد باعتقاد أنه أحسن فيما مضى إليك أو إلى من تتعلق به. وربما كان مقارنا للفعل بأن تقوم في المجلس تعارفا لزيد باعتقاد أنه فعلا ورد المجلس في حين أنه لم يرد المجلس لا هو ولا غيره. وربما كان متأخرا عن الفعل كأن يعطي الملك الجائزة فعلا لمن ورده باعتقاد أنه يسافر غدا في حين أنه لا يسافر أصلا.
وهذه الأقسام الثلاثة وإن اصطلحنا عليها بأنّها من قبيل الاعتقاد المقارن ومن قبيل تخلف الاعتقاد ، إلاّ أنها يمكن إرجاعها بنحو من الشرح إلى الدواعي.
ومن ذلك يظهر لك أن الداعي وما الحق به لا يكون وجوده الخارجي إلاّ متأخرا عمّا يدعو إليه ، ولا يتحقق فيه التقدم الخارجي ولا المقارنة.
ومن ذلك يظهر لك التأمل في توسعة الكفاية (١) لما يكون مؤثرا بوجوده العلمي الذي هو الداعي وما ألحق به إلى المتقدم والمقارن والمتأخر خارجا.
وعلى كل حال ، أن هذين النحوين في قبال النحو الثالث وهو ما يكون قيدا في الشيء وشرطا في تحققه.
إذا عرفت ذلك فنقول بعونه تعالى : إن الفعل الخارجي الاختياري بعد تحققه لا يدخله التقييد والتعليق الذي هو النحو الثالث ، وينحصر ما يدخله
__________________
(١) كفاية الأصول : ٩٣.