بذلك ، فلا يمكننا الحكم فعلا بأنه راجح ولو على نحو الشرط المتأخر أو على نحو الواجب المعلق ، إلاّ أن يكون المدعى أن انقلاب الفعل إلى المرجوحية في ظرفه لا يكون مخلا بالحكم فعلا بأنه راجح.
فالانصاف : أنه لم يتحقق حتى الآن الوجه في حكمه قدسسره بتقدم الحج على خصوص النذر فيما لو تقدم النذر زمانا على الاستطاعة.
نعم ، يمكن أن يقال : إن ذلك مأخوذ من إطلاق قولهم عليهمالسلام : « إذا رأيت خيرا من يمينك فدع » (١) ، بدعوى أنه يستفاد منه أن مطلق عروض ما يكون فعله أرجح من الوفاء بالنذر يكون موجبا لانحلال النذر. أو يقال : إنه يستفاد من مجموع ما ورد في أبواب اليمين وأخويه أن كونه مفوّتا لواجب ولو برفعه موضوع ذلك الواجب يكون موجبا لانحلاله أو عدم انعقاده. والحاصل : أنه يستفاد من كثير من الأخبار تساهل الشارع في النذر على وجه يكتفى في الحكم بمرجوحيته مجرد مزاحمته للحج ، ولو كان ذلك برفعه موضوع وجوب الحج ، فراجع وتأمل.
أما العهد واليمين فالظاهر أن ما أفيد من أن اعتبار الرجحان في متعلق النذر في ظرفه هو الموجب لانحلاله عند مزاحمته الحج ، لا يتأتى فيهما لعدم اعتبار الرجحان في متعلقهما ، فلم يبق إلاّ ما ذكرناه من دعوى أنه يستفاد من مجموع الأدلة الواردة في تلك الأبواب مساهلة الشارع في ذلك على وجه تنحل هذه الامور عند مزاحمتها بالحج ونحوه من التكاليف الالزامية ولو كانت مشروطة بالقدرة الشرعية.
وفي الجواهر ـ بعد أن سرد الأخبار وكلمات الأصحاب في انعقاد اليمين على متساوي الطرفين من جهة الدنيا والدين ، وأنه لو كان أحد
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٣ : ٢٤٠ / كتاب الأيمان ب ١٨ ح ١ [ وفيه : ... فدعها ].