والحاصل : أن المراد بالأوّل هو ما لم يكن التزاحم إلاّ من محض عدم القدرة. والمراد بالثاني ما كان منشأ التزاحم فيه هو مطلوبية كل منهما في الزمان الخاص المفروض أنه لا يسع إلاّ أحدهما (١) كما في مثل الازالة
__________________
(١) أما مثل تزاحم الصوم والصلاة فهو وإن كان في عداد القسم الأوّل ، إلاّ أن الذي ينبغي إخراجه منه ، وجعل القسم الأوّل مقصورا على ما إذا كان المتزاحمان مترتبين بحسب الزمان ، مثل القيام في الركعة الاولى والقيام في الركعة الثانية ، ومثل الصوم في اليوم الأوّل والصوم في اليوم الثاني ، وجعل القسم الثاني شاملا لكل عرضيين بحسب الزمان.
والحاصل : ان الغرض من هذا التقسيم هو التمهيد للترتب ، وأن ترتب الأمر بالمهم في القسم [ الثاني ] على عصيان الأهم يكون من قبيل الشرط المقارن ، بخلافه في القسم الأوّل فان الترتب فيه إن كان الأهم هو المقدّم زمانا يكون من قبيل الشرط المتقدم ، لأن قوله : صم في الثاني إن عصيت الأوّل ، يكون اشتراط وجوب الصوم في اليوم الثاني بعصيان الأوّل من قبيل الشرط المتقدم ، ولو كان الأهم هو اليوم الثاني لكان اشتراط وجوب الصوم في الأوّل بعصيانه في الثاني من قبيل الشرط المتأخر ، بخلاف الترتب في القسم [ الثاني ] فان اشتراط وجوب الصلاة بعصيان الازالة يكون من قبيل الشرط المقارن ، ويمتد هذا الشرط بامتداد فعل [ الصلاة ] يبتدأ بابتدائها وينتهي بانتهائها.
نعم في مثل الصلاة والصيام لو علّق الأمر بأحدهما على عصيان الآخر لا يكون من قبيل الشرط المقارن ، بل لو اشترطنا وجوب الصلاة في النهار بعصيان الصوم كان من الشرط المتقدم ، ولو اشترطنا وجوب الصوم بعصيان الصلاة النهارية كان من الشرط المتأخر ، وحينئذ يكون اللازم هو إدخاله في القسم الأوّل.
أما مثال الغريقين فهو وان صح عدّه من القسم الأوّل باعتبار أن الزمان يسعهما بأن ينقذهما بانقاذ واحد ، لكن القدرة لا تسعهما ، لأنه لا يتمكن من إنقاذهما دفعة واحدة بانقاذ واحد ، فلا بدّ له من أن ينقذ أحدهما في الزمان الأوّل وثانيهما في الزمان الثاني ، وهو لا يقدر إلاّ على إنقاذ أحدهما ، فهو من قبيل المكلف بفعلين لا تضاد بينهما لكنه لا يقدر على الجمع بينهما فيدخل في القسم الأوّل. كما أنه يصح عدّه في القسم الثاني باعتبار أنه لمّا لم يتمكن من إنقاذهما دفعة واحدة بانقاذ واحد صار محتاجا إلى إنقاذين في آنين مترتبين ، ولمّا لم يمكن ذلك لتلف الثاني