عن وجود علته ، فيكون تأخر الثاني من قبيل تأخر المعلول عن علته. وإن كان الأول جزءا من علة الثاني ، والجزء الآخر منها يوجد عند وجوده ، فان كان الجزء الآخر من العلة المذكورة أجنبيا عن وجود الجزء الأول منها الذي هو عنوان السابق ، لم تتحقق الملازمة ، وحينئذ لا بدّ من الملازمة بين جزأي العلة المذكورة ، ولا بدّ فيها من تأتي التقسيم السابق من كون منشأ الملازمة ما هو؟ هل هو كون الأول علة للثاني أو بالعكس أو أنهما معلولان لعلة ثالثة. وعلى كل منها يستحيل التأخر ، فتأمل (١).
ثم لا يخفى أن الاحتياج إلى أخذ العنوان المنتزع شرطا إنما هو للفرار عن تأخر الشرط عن المشروط ، ويمثّل له في التكاليف بوجوب تعلم أحكام الصوم قبل وقته بناء على كون وجوب التعلم نفسيا مشروطا بأنه يكلف بالصوم فيما بعد ، وفي الوضعيات بالاجازة لعقد الفضولي بناء على الكشف ، وفي المأمور به بمثل الأغسال الليلية لما سبقها من صوم النهار وبالأجزاء اللاحقة بالنسبة إلى السابقة ، لكون صحة الجزء السابق من المركبات الارتباطية مشروطة بلحوق باقي الأجزاء.
أما مثال التكليف فيمكن أن يقال : إن مثل وجوب التعلم على تقدير كونه نفسيا إنما يتوجه إلى من يبقى إلى زمان التكليف بالصوم مثلا أو من يبتلى به فيما بعد ، ومثل هذه العناوين ليست من قبيل العناوين الانتزاعية بل هي عناوين واقعية منطبقة على المكلف المزبور باعتبار تلبسه فعلا بحاصل النسبة الاستقبالية ، فان العناوين المنطبقة على الذوات مأخوذة من
__________________
(١) لإمكان الجواب بأن منشأ هذا التلازم هو التضايف بين التقدم والتأخر نظير الأبوة والبنوة ، وهما أعني التقدم والتأخر منتزع عن نحو وجودهما في الزمان نظير الوجود في المكان [ منه قدسسره ].