أعني الازالة ، ونقول إن القضية المتضمنة لتعليق الدافعية على هذا النحو من الوجود غير مسلّمة ، لما قررناه من أن هذا النحو من وجود الشيء مستلزم لخروج ذاته حينئذ عن مقتضياتها وخواصها التي منها انسلاخه عن علته ومقتضيه ، فمن الممكن أن يكون ذلك موجبا أيضا لعدم المنافرة بينه وبين ضده على وجه لا يكون دافعا لتأثير مقتضيه ، ومن الواضح أن هذه الجهة لا تأتي فيما هو محال في حد نفسه ، خصوصا إذا كانت محاليته ذاتية ، فتأمل.
ثم إنه لو سلّم ذلك كله فأقصى ما فيه هو أن تكون الصلاة عند وجود الازالة مانعة ، ويكون عدمها بالنسبة إليها من قبيل عدم المانع ، لكنه لا ينتج ما هو المطلوب من كون العدم المذكور واجبا ليكون فعلها محرما ، لما عرفت من كون وجودها في هذا الظرف محالا ، فيكون عدمها ضروريا ويكون وجوبه تحصيل الحاصل وتحريمها تحريمها لما هو ممتنع الحصول.
قوله : ومما يدلك على عدم مقدمية ترك أحد الضدين للآخر أنه لا شبهة في أن عدم كل شيء يناقض وجوده في مرتبة واحدة ... الخ (١).
هذا برهان آخر على عدم كون ترك أحد الضدين سابقا في الرتبة على الضد الآخر ، وحاصل ذلك البرهان هو أن كل متقابلين يكون تقابلهما في رتبة واحدة ، إذ لو كان أحدهما في رتبة وكان الآخر في رتبة سابقة لم يكن بينهما تقابل ، فإذا كان السواد ضدا مقابلا للبياض مثلا كان كل منهما في رتبة الآخر ، وحينئذ لا بدّ أن يكون عدم السواد في رتبة البياض ، إذ لو كان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٦ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة المحشاة ].